(لو كن للذات): لم يخرج الجسم عن أحدهن مع بقاء ذاته، وكان يلزم أيضا من كونهن للذات أمر مستحيل وهو وجوب إجتماعهن للجسم في حالة واحدة مع المضادة وذلك محال، فما أدى إليه يجب أن يكون محالا، وإنما يستحيل خروج الموصوف عن صفة الذات، لأن صفة الذات يجب بقاء الذات عليها ما دامت ذاتا، وهي لا تخرج عن كونها ذاتا لأنه يستحيل عدم الموجب مع الموجب وذلك ظاهر، يؤيده: أنها مع الأوقات والجهات على سواء.
وقوله: (ولم يسلمن لحكم الإبطال): يريد؛ ولم يبطلن، وقوله: يسلمن: نقيض يمتنعن، والجميع مجاز، وهو شائع لا مانع منه لغة ولا شرعا.
(والإبطال): هو الإذهاب لها.
(وعدم الذات): إرتفاع وجودها عن الدهر.
(فانظر بعين الفكر): معناه بفكر، وعين الفكر هي: القلب، والنظر هاهنا نظر القلب.
والنظر هو الذي يوصل إلى المعرفة قبل تجلي الأمور باضطراره([57]) سبحانه للعباد إلى ذلك عند انقطاع التكليف.
وقوله: (غير آل): يريد؛ غير مقصر في النظر، وقد تقدم الكلام
على معنى هذا التكليف فيما تقدم من ذكر الأعراض وأنها غير الأجسام، وأنها محدثة، وأنه لايعقل وجود الجسم إلا عليها على سبيل البدل، وفي ذلك كفاية عن الإطالة، وراحة عن الملالة.
[بيان أن الجسم لا ينفك عن الأحوال]
[8]
ما انفك عنها الجسم أين ما كان.... في داني الأرض وقاصي البلدان
وغابر الدهر وباقي الأزمان.... كلا ولا يدخل تحت الإمكان
خروجه عنها من المحال
هذا زيادة إيضاح وإلا ففيما تقدم كفاية.
قوله: (ما انفك): معناه ما انفصل عنها.
و(الجسم): المراد به الأجسام([58]).
(أينما كان): ظاهر، زاده كشفا بقوله: (في داني الأرض وقاصي البلدان) يقول: في قريب الأرض وبعيدها.
و(الداني): نقيض القاصي.
مخ ۹۲