وإما الترفيه على النفس؛ فهذا الدين القويم مبنى الصحة فيه على المشقة من أوله إلى آخره، قال الله تعالى: {والعصر(1)إن الإنسان لفي خسر(2)إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر(3)}[العصر]، الحق ها هنا: هو العلم والعمل بمقتضاه، والصبر لا يكون إلا على المشاق فبطلت فائدة الترفيه على النفس.
وأما التخويف بمشقة النظر: فقد ورد في الأثر ((أن من دق في)
الدين نظره، جل يوم القيامة خطره)).
[دليل عقلي على قبح التقليد]
ولأن المقلد لا يأمن من خطأ من قلده، والإقدام على ما لا يأمن الإنسان فيه الخطأ قبيح، ولا يجوز للعاقل الإقدام على القبيح.
أما أن المقلد لا يأمن خطأ من قلده: فذلك ظاهر، لأنه يأخذ منه بغير برهان، وما أخذ كذلك لم يؤمن فيه الخطأ؛ لأن في مقالة المقلد -من أهل العفة والصلاح في ظاهر الحال- من يقضي بتخطئته وضلاله، فلا يأمن الغافل لهذه الأمارة صحة ما قيل؛ سيما إذا كان القائل ممن يزيد عليه في سلامة الظاهر أو يساويه.
وأما أن الإقدام على ما هذا حاله قبيح؛ فلأنا نعلم أنه يقبح من أحدنا القطع على مخبر خبر لا يأمن كونه كذبا، وليس إلا أنه قطع بغير برهان ولا يقين، ولأنه لو ساغ التقليد لواحد لساغ لكل واحد لأنه لامخصص، فكان ذلك يؤدي إلى تصويب كل فرقة، وذلك ما لم يقل به مسلم ولا كافر، لأن كل فرقة من فرق الإسلام تدعو إلى سبيلها، وتخطيء من خالفها.
مخ ۸۷