شرح نهج البلاغه
شرح نهج البلاغة
پوهندوی
محمد عبد الكريم النمري
خپرندوی
دار الكتب العلمية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
۱۴۱۸ ه.ق
د خپرونکي ځای
بيروت
قال شيخنا أبو عثمان الجاحظ رحمه الله تعالى : الكلمة المذكورة أن طلحة لما أنزلت آية الحجاب قال بمحضر ممن نقل عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما الذي يغنيه حجابهن اليوم ! وسيموت غدا فننكحهن . قال أبو عثمان أيضا : لو قال لعمر قائل : أنت قلت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات وهو راض عن الستة ، فكيف تقول الآن لطلحة إنه مات عليه السلام ساخطا عليك للكلمة التي قلتها ! لكان قد رماه بمشاقصه ، ولكن من الذي يجسر على عمر أن يقول له ما دون هذا ، فكيف هذا ! قال : ثم أقبل على سعد بن أبي وقاص فقال : إنما أنت صاحب مقنب من هذه المقانب ، تقاتل به ، وصاحب قنص وقوس وأسهم ، ومازهرة والخلافة وأمور الناس ! ثم أقبل على عبد الرحمن بن عوف ، فقال : وأما أنت يا عبد الرحمن ، فلو وزن نصف إيمان المسلمين بإيمانك لرجح إيمانك به ، ولكن ليس يصلح هذا الأمر لمن فيه ضعف كضعفك ، وما زهرة وهذا الأمر ! ثم أقبل على علي عليه السلام ، فقال : لله أنت لولا دعابة فيك ! أما والله لئن وليتهم لتحملنهم على الحق الواضح ، والمحجة البيضاء .
ثم أقبل على عثمان ، فقال : هيها إليك ! كأني بك قد قلدتك قريش هذا الأمر لحبها إياك ، فحملت بني أمية وبني أبي معيط على رقاب الناس ، وآثرتهم بالفيء ، فسارت إليك عصابة من ذؤبان العرب ، فذبحوك على فراشك ذبحا . والله لئن فعلوا لتفعلن ، ولئن فعلت ليفعلن . ثم أخذ بناصيته ، فقال : فإذا كان ذلك فاذكر قولي ، فإنه كائن .
ذكر هذا الخبر كله شيخنا أبو عثمان في كتاب السفيانية ، وذكره جماعة غيره في باب فراسة عمر . وذكر أبو عثمان في هذا الكتاب عقيب رواية هذا الخبر قال : وروى معمر بن سليمان التيمي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس ، قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول لأهل الشورى : إنكم إن تعاونتم وتوازرتم وتناصحتم أكلتموها وأولادكم ، وإن تحاسدتم وتقاعدتم وتدابرتم وتباغضتم ، غلبكم على هذا الأمر معاوية بن أبي سفيان ، وكان معاوية حينئذ أمير الشام .
ثم رجع بنا الكلام إلى تمام قصة الشورى . ثم قال : ادعوا إلي أبا طلحة الأنصاري ، فدعوه له فقال : انظر يا أبا طلحة ، إذا عدتم من حفرتي ، فكن في خمسين رجلا من الأنصار حاملي سيوفكم ، فخذ هؤلاء النفر بإمضاء المر وتعجيله ، واجمعهم في بيت ، وقف بأصحابك على باب البيت ليتشاوروا ويختاروا واحدا منهم ، فإن اتفق خمسة وأبى واحد فاضرب عنقه ، وإن اتفق أربعة وأبى اثنان فاضرب أعناقهما ، وإن اتفق ثلاثة وخالف ثلاثة ، فانظر الثلاثة التي فيها عبد الرحمن ، فارجع إلى ما قد اتفقت عليه ، فإن أصرت الثلاثة الأخرى على خلافها فاضرب أعناقها ، وإن مضت ثلاثة أيام ولم يتفقوا على أمر ، فاضرب أعناق الستة ، ودع المسلمين يختاروا لأنفسهم .
مخ ۱۱۸