شرح نهج البلاغه
شرح نهج البلاغة
پوهندوی
محمد عبد الكريم النمري
خپرندوی
دار الكتب العلمية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
۱۴۱۸ ه.ق
د خپرونکي ځای
بيروت
عزل عمر خالدا عن إمارة حمص في سنة سبع عشرة ، وأقامه للناس ، وعقله بعمامته ، ونزع قلنسوته عن رأسه وقال : أعلمني ، من أين لك هذا المال ؟ وذلك أنه أجاز الأشعث بن قيس بعشرة آلاف درهم ، فقال : من الأنفال والسهمان ، فقال : لا والله ، لا تعمل لي عملا بعد اليوم ، وشاطره ماله ، وكتب إلى الأمصار بعزله ، وقال : إن الناس فتنوا به ، فخفت أن يوكلوا إليه ، وأحببت أن يعلموا أن الله هو الصانع . لما أسر الهرمزان حمل إلى عمر من تستر إلى المدينة ، ومعه رجال المسلمين ، منهم الأحنف ابن قيس ، وأنس بن مالك ، فأدخلوه المدينة في هيئته وتاجه وكسوته ، فوجدوا عمر نائما في جانب المسجد ، فجلسوا عنده ينتظرون انتباهه ، فقال الهرمزان : وأين عمر ؟ قالوا : ها هو ذا ؛ قال : أين حرسه ؟ قالوا : لا حاجب له ولا حارس قال : فينبغي أن يكون هذا نبيا ، قالوا : إنه يعمل بعمل الأنبياء . واستيقظ عمر ، فقال : الهرمزان ؟ فقالوا : نعم ؛ قال : لا أكلمه أو لا يبقى عليه من حليته شيء ، فرموا ما عليه ، وألبسوه ثوبا صفيقا ، فلما كلمه عمر أمر أبا طلحة أن ينتضي سيفه ويقوم على رأسه ، ففعل . ثم قال له : ما عذرك في نقض الصلح ونكث العهد ؟ وقد كان الهرمزان صالح أولا ، ثم نقض وغدر ، فقال : أخبرك ، قال : قل ، قال : وأنا شديد العطش ! فاسقني ثم أخبرك . فأحضر له ماء ، فلما تناوله جعلت يده ترعد ، قال : ما شأنك ؟ قال : أخاف أن أمد عنقي وأنا أشرب فيقتلني سيفك . قال : لا بأس عليك حتى تشرب ، فألقى الإناء عن يده ، فقال : ما بالك ؟ أعيدوا عليه الماء ، ولا تجمعوا عليه بين القتل والعطش ، قال : إنك قد أمنتني ، قال : كذبت ! قال أنس : صدق يا أمير المؤمنين ، قال : ويحك يا أنس ! أنا أؤمن قاتل مجزأة بن ثور والبراء بن مالك ! والله لتأتيني بالمخرج أو لأعاقبنك ، قال : أنت يا أمير المؤمنين قلت : لا بأس عليك حتى تشرب . وقال له ناس من المسلمين مثل قول أنس ، فقال للهرمزان : ويحك ! أتخدعني ! والله لأقتلنك إلا أن تسلم ، ثم أومأ إلى أبي طلحة ، فقال الهرمزان : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ، فأمنه وأنزله المدينة .
سأل عمر عمرو بن معد يكرب عن السلاح فقال له : ما تقول في الرمح ؟ قال : أخوك وربما خانك ، قال فالنبل ؟ قال : رسل المنايا ، تخطئ وتصيب ، قال فالدروع ؟ قال : مشغلة للفارس ، متعبة للراجل ، وإنها مع ذلك لحصن حصين ، قال فالترس ؟ قال : هو المجن ، وعليه تدور الدوائر ، قال : فالسيف ؟ قال : هناك قارعت أمك الهبل ، قال : بل أمك ، قال : والحمى أضرعتني لك .
وأول من ضرب عمر بالدرة أم فروة بنت أبي قحافة ، مات أبو بكر فناح النساء عليه ، وفيهن أخته أم فروة ، فنهاهن عمر مرارا ، وهن يعاودن ، فأخرج أم فروة من بينهن ، وعلاها بالدرة ، فهربن وتفرقن .
كان يقال : درة عمر أهيب من سيف الحجاج . وفي الصحيح : إن نسوة كن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كثر لغطهن ، فجاء عمر فهربن هيبة له ، فقال لهن : يا عديات أنفسهن ، أتهبنني ولا تهبن رسول الله ! قلن : نعم ، أنت أغلظ وأفظ .
وكان عمر يفتي كثيرا بالحكم ثم ينقضه ، ويفتي بضده وخلافه ، قضى في الجد مع الإخوة قضايا كثيرة مختلفة ، ثم خاف من الحكم في هذه المسألة فقال : من أراد أن يتقحم جراثيم جهنم فليقل في الجد برأيه .
مخ ۱۱۴