شرح نهج البلاغه
شرح نهج البلاغة
پوهندوی
محمد عبد الكريم النمري
خپرندوی
دار الكتب العلمية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
۱۴۱۸ ه.ق
د خپرونکي ځای
بيروت
وعمر هو الذي شيد بيعة أبي بكر ووقم المخالفين فيها فكسر فكسر سيف الزبير لما جرده ، ودفع في صدر المقداد ، ووطئ في السقيف سعد بن عبادة ، وقال : اقتلوا سعدا ، قتل الله سعدا ! وحطم أنف الحباب بن المنذر الذي قال يوم السقيفة : أنا جذيلها المحكك ، وعذيقها المرجب . وتوعد من لجأ إلى دار فاطمة عليها السلام من الهاشميين ، وأخرجهم منها . ولولاه لم يثبت لأبي بكر أمر ، ولا قامت له قائمة ، وهو الذي ساس العمال وأخذ أموالهم في خلافته ، وذلك من أحسن السياسات .
وروى الزبير بن بكار ، قال : لما قلد عمر عمرو بن العاص مصر ، بلغه أنه قد صار له مال عظيم من ناطق وصامت ، فكتب إليه ، أما بعد : فقد ظهر لي من مالك ما لم يكن في رزقك ، ولا كان لك مال قبل أن أستعملك ، فأنى لك هذا ! فوالله لو لم يهمني في ذات الله إلا من اختان في مال الله ، لكثر همي ، وانتثر أمري ، ولقد كان عندي من المهاجرين الأولين من هو خير منك ، ولكني قلدتك رجاء غنائك ؛ فكتب إلي من أين لك هذا المال ، وعجل .
فكتب إليه عمرو : أما بعد ، فقد فهمت كتاب أمير المؤمنين ، فأما ما ظهر لي من مال ، فإنا قدمنا بلادا رخيصة الأسعار ، كثيرة الغزو ، فجعلنا ما أصابنا في الفضول التي اتصل بأمير المؤمنين نبؤها ، ووالله لو كانت خيانتك حلالا ما خنتك ؛ وقد ائتمنتني ، فإن لنا أحسابا إذا رجعنا إليها أغنتنا عن خيانتك . وذكرت أن عندك من المهاجرين الأولين من هو خير مني ، فإذا كان ذاك فوالله ما دققت لك يا أمير المؤمنين بابا ، ولا فتحت لك قفلا .
فكتب إليه عمر : أما بعد ، فإني لست من تسطيرك الكتاب وتشقيقك الكلام في شيء ؛ ولكنكم معشر الأمراء قعدتم على عيون الأموال ، ولن تعدموا عذرا ، وإنما تأكلون النار ، وتتعجلون العار ، وقد وجهت إليك محمد بن مسلمة ، فسلم إليه شطر مالك . فلما قدم محمد صنع له عمرو طعاما ودعاه فلم يأكل ، وقال : هذه تقدمة الشر ، ولو جئتني بطعام الضيف لأكلت ، فنح عني طعامك ، وأحضر لي مالك ، فأحضره ، فأخذ شطره . فلما رأى عمرو كثرة ما أخذ منه ، قال : لعن الله زمانا صرت فيه عاملا لعمر ، والله لقد رأيت عمر وأباه على كل واحد منهما عباءة قطوانية لا تجاوز مأبض ركبتيه ، وعلى عنقه حزمة حطب ، والعاص بن وائل في مزررات الديباج . فقال محمد : إيها عنك يا عمرو ! فعمر والله خير منك ، وأما أبوك وأبوه فإنهما في النار ، ولولا الإسلام لألفيت معتلقا شاة ، يسرك غزرها ، ويسوءك بكوؤها . قال : صدقت فاكتم علي . قال : أفعل .
مخ ۱۱۰