شرح نهج البلاغه
شرح نهج البلاغة
پوهندوی
محمد عبد الكريم النمري
خپرندوی
دار الكتب العلمية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
۱۴۱۸ ه.ق
د خپرونکي ځای
بيروت
لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرض الموت ، دعا أسامة بن زيد بن حارثة ، فقال : سر إلى مقتل أبيك ، فأوطئهم الخيل ، فقد وليتك على هذا الجيش ، وإن أظفرك الله بالعدو ، فأقلل اللبث ، وبث العيون ، وقدم الطلائع . فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين والأنصار إلا كان في ذلك الجيش ، منهم أبو بكر وعمر ، فتكلم قوم وقالوا : يستعمل هذا الغلام على جلة المهاجرين والأنصار ! ! فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سمع ذلك ، وخرج عاصبا رأسه ، فصعد المنبر وعليه قطيفة فقال : ' أيها الناس ، ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأمير أسامة ! لئن طعنتم في تأميري أسامة ، فقد طعنتم في تأميري أباه من قبله ، وايم الله إن كان لخليقا بالإمارة ، وابنه من بعده لخليق بها ، وإنهما لمن أحب الناس إلي ؛ فاستوصوا به خيرا ، فإنه من خياركم ' . ثم نزل ودخل بيته ، وجاء المسلمون يودعون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويمضون إلى عسكر أسامة بالجرف .
وثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واشتد ما يجده ، فأرسل بعض نسائه إلى أسامة وبعض من كان معه ، يعلمونهم ذلك ، فدخل أسامة من معسكره - والنبي صلى الله عليه وسلم مغمور ، وهو اليوم الذي لدوه فيه - فتطأطأ أسامة عليه فقبله ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد أسكت فهو لا يتكلم ، فجعل برفع يديه إلى السماء ثم يضعهما على أسامة ، كالداعي له ، ثم أشار إليه بالرجوع إلى عسكره ، والتوجه لما بعثه فيه ، فرجع أسامة إلى عسكره . ثم أرسل نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أسامة يأمرنه بالدخول ، ويقلن إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أصبح بارئا ، فدخل أسامة من معسكره يوم الاثنين ، الثاني عشر من شهر ربيع الأول فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مفيقا ، فأمره بالخروج وتعجيل النفوذ ، وقال : ' اغد على بركة الله ' ، وجعل يقول : ' أنفذوا بعث أسامة ' ، ويكرر ذلك ، فودع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخرج ومعه أبو بكر وعمر ، فلما ركب جاءه رسول أم أيمن ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يموت ، فأقبل ومعه أبو بكر وعمر وأبو عبيدة ، فانتهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين زالت الشمس من هذا اليوم ، وهو يوم الاثنين ، وقد مات واللواء مع بريدة بن الحصيب ، فدخل باللواء فركزه عند باب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مغلق ، وعلي عليه السلام وبعض بني هاشم مشتغلون بإعداد جهازه وغسله ، فقال العباس لعلي - وهما في الدار : امدد يدك أبايعك فيقول الناس : عم رسول الله بايع ابن عم رسول الله ، فلا يختلف عليك اثنان ، فقال له : أو يطمع يا عم فيها طامع غيري ! قال : ستعلم ؛ فلم يلبثا أن جاءتهما الأخبار بأن الأنصار أقعدت سعدا لتبايعه ، وأن عمرا جاء بأبي بكر فبايعه ، وسبق الأنصار بالبيعة ، فندم علي عليه السلام على تفريطه في أمر البيعة وتقاعده عنها ، وأنشده العباس قول دريد :
أمرتهم أمري بمنعرج اللوى . . . فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد
مخ ۱۰۱