وقد صنع أبو العلاء المعري كتابا في اللزوم من نظمه ، فأتى فيه بالجيد والرديء ، وأكثره متكلف ، ومن جيده قوله :
لا تطلبن بآلة لك حالة . . . قلم البليغ بغير حظ مغزل
سكن السماكان السماء كلاهما . . . هذا له رمح وهذا أعزل
الأصل : وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالدين المشهور ، والعلم المأثو ، والكتاب المسطور ، والنور الساطع ، والضياء اللامع ، والأمر الصادع ، إزاحة للشبهات ، واحتجاجا بالبينات ، وتحذيرا بالآيات ، وتخويفا بالمثلات ، والناس في فتن انجذم فيها حبل الدين ، وتزعزعت سواري اليقين ، واختلف النجر ، وتشتت الأمر ، وضاق المخرج ، وعمي المصدر ، فالهدى خامل ، والعمى شامل . عصي الرحمن ، ونصر الشيطان ، وخذل الإيمان ، فانهارت دعائمه ، وتنكرت معالمه ، ودرست سبله ، وعفت شركه . أطاعو الشيطان فسلكوا مسالكه ، ووردوا مناهله ، بهم سارت أعلامه ، وقام لواؤه . في فتن داستهم بأخفافها ، ووطئتهم بأظلافها ، وقامت على سنابكها ، فهم فيها تائهون حائرون ، جاهلون مفتونون ، في خير دار وشر جيران ، نومهم سهود ، وكحلهم دموع ، بأرض عالمها ملجم ، وجاهلها مكرم .
الشرح : قوله عليه السلام : والعلم المأثور ، يجوز أن يكون عنى به القرآن ، لأن المأثور المحكي ، والعلم ما يهتدى به ، والمتكلمون يسمون المعجزات أعلاما . ويجوز أن يريد به أحد معجزاته غير القرآن ، فإنها كثيرة ومأثورة ، ويؤكد هذا قوله بعد : والكتاب المسطور ، فدل على تغايرهما ، ومن يذهب إلى الأول يقول : المراد بهما واحد ، والثانية توكيد الأولى على قاعدة الخطابة والكتابة .
والصادع : الظاهر الجلي ، قال تعالى : ' فاصدع بما تؤمر ' ، أي أظهره ولا تخفه .
والمثلات ؛ بفتح الميم وضم الثاء : العقوبات ، جمع مثلة ؛ قال تعالى : ' ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات ' .
وانجذم : انقطع . والسواري : جمع سارية ، وهي الدعامة يدعم بها السقف . والنجر : الأصل ، ومثله النجار . وانهارت : تساقطت . والشرك : الطرائق ، جمع شراك . والأخفاف للإبل ، والأظلاف للبقر والمعز .
وقال الراوندي في تفسير قوله : خير دار وشر جيران : خير دار : الكوفة . وقيل الشام ، لأنها الأرض المقدسة ، وأهلها شر جيران ، يعني أصحاب معاوية . وعلى التفسير الأول يعني أصحابه عليه السلام .
مخ ۸۷