أيها الناس ، إنما النسيء زيادة في الكفر ، يضل به الذين كفروا ، يحلونه عاما ، ويحرمونه عاما ، وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض ، وإن عدة الشهور اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض ، منها أربعة حرم ، ثلاثة متوالية وواحد فرد : ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب ، الذي بين جمادى وشعبان ، ألا هل بلغت ! أيها الناس إن لنسائكم عليكم حقا ، ولكم عليهن حقا ، فعليهن ألا يوطئن فرشكم غيركم ، ولا يدخلن بيوتكم أحدا تكرهونه إلا بإذنكم ، ولا يأتين بفاحشة ؛ فإن فعلن فقد أذن لكم أن تهجروهن في المضاجع وتضربوهن ، فإن انتهين وأطعنكم فعليكم كسوتهن ورزقهن بالمعروف ، فإنما النساء عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئا ، أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيرا .
أيها الناس ، إنما المؤمنون إخوة ، ولا يحل لامرئ مال أخيه إلا عن طيب نفس . ألا هل بلغت اللهم فاشهد ! ألا لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ، فإني تركت فيكم ما إن أخذتم به لم تضلوا ؛ كتاب الله ربكم . ألا هل بلغت ؟ الله اشهد .
أيها الناس ، إن ربكم واحد ، وإن أباكم واحد ، كلكم لآدم وآدم من تراب ؛ إن أكرمكم عند الله أتقاكم ، وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى ، ألا فليبلغ الشاهد الغائب .
أيها الناس ، إن الله قسم لكل وارث نصيبه من الميراث ، ولا تجوز وصية في أكثر من الثلث ، والولد للفراش وللعاهر الحجر . من ادعى إلى غير أبيه ، أو تولى غير مواليه فهو ملعون ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا . والسلام عليكم ورحمة الله عليكم .
واعلم أن السجع لو كان عيبا لكان كلام الله سبحانه معيبا لأنه مسجوع ، كله ذو فواصل وقرائن ؛ ويكفي هذا القدر وحده مبطلا لمذهب هؤلاء . فأما خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه فإنها وإن لم تكن ذات سجع ، فإن أكثر خطبه مسجوع ، كقوله : ' إن مع العز ذلا ، وإن مع الحياة موتا ، وإن مع الدنيا آخرة ، وإن لكل شيء حسابا ، ولكل حسنة ثوابا ، ولكل سيئة عقابا ، وإن على كل شيء رقيبا ، وإنه لا بد لك من قرين يدفن معك هو حي وأنت ميت ؛ فإن كان كريما أكرمك ، وإن كان لئيما أسلمك ، ثم لا يحشر إلا معك ، ولا تبعث إلا معه ، ولا تسأل إلا عنه ، فلا تجعله إلا صالحا فإنه إن صلح أنست به ، وإن فسد لم تستوحش إلا منه ، وهو عملك ' .
فأكثر هذا الكلام مسجوع كما تراه ، وكذلك خطبه الطوال كلها . وأما كلامه القصير ، فإنه غير مسجوع ، لأنه لا يحتمل السجع ، وكذلك القصير من كلام أمير المؤمنين عليه السلام .
مخ ۸۳