ثم قال : إن الله تعالى بعث يونس قبل نوح ، وهذا خلاف إجماع المفسرين وأصحاب السير .
ثم قال : وكل واحد من الرسل والأئمة كان يقوم بالأمر ، ولا يردعه عن ذلك قلة عدد أوليائه ، ولا كثرة عدد أعدائه .
فيقال له : هذا خلاف قولك في الأئمة المعصومين ، فإنك تجيز عليهم التقية وترك القيام بالأمر إذ كثرت أعداؤهم .
وقال في تفسير قوله عليه السلام : من سابق سمي له من بعده ، أو غابر عرفه من قبله : كان ألطاف الأنبياء المتقدمين وأوصيائهم ، أن يعرفوا الأنبياء المتأخرين وأوصياءهم ، فعرفهم الله تعالى ذلك ، وكان من اللطف بالمتأخرين وأوصيائهم أن يعرفوا أحوال المتقدمين من الأنبياء والأوصياء ، فعرفهم اله تعالى ذلك أيضا ، فتم اللطف لجميعهم .
ولقائل أن يقول : لو كان عليه السلام قال : أو غابر عرف من قبله ، لكان هذا التفسير مطابقا ، ولكنه عليه السلام لم يقل ذلك ، وإنما قال : عرفه من قبله ، وليس هذا التفسير مطابقا لقوله : عرفه . والصحيح أن المراد به : من نبي سابق عرف من يأتي بعده من الأنبياء ، أي عرفه الله تعالى ذلك ، أو نبي غابر نص عليه من قبله ، وبشر به كبشارة الأنبياء بمحمد عليه السلام .
الأصل : على ذلك نسلت القرون ، ومضت الدهور ، وسلفت الآباء ؛ وخلفت الأبناء ؛ إلى أن بعث الله سبحانه محمدا صلى الله عليه وآله لإنجاز عدته ، وإتمام نبوته ، مأخوذا على النبيين ميثاقه ، مشهورة سماته ، كريما ميلاده ، وأهل الأرض يومئذ ملل متفرقة ، وأهواء منتشرة ، وطرائق متشتتة ، بين مشبه لله بخلقه ، أو ملحد في اسمه ، أو مشير إلى غيره ؛ فهداهم به من الضلالة ، وأنقذهم بمكانه من الجهالة .
مخ ۷۶