286

شرح نهج البلاغه

شرح نهج البلاغة

ایډیټر

محمد عبد الكريم النمري

خپرندوی

دار الكتب العلمية

شمېره چاپونه

الأولى

د چاپ کال

۱۴۱۸ ه.ق

د خپرونکي ځای

بيروت

لما نزل علي عليه السلام بالبصرة ووقف جيشه بإزاء جيش عائشة قال الزبير : والله ما كان أمر قط إلا عرفت أين أين أضع قدمي فيه إلا هذا الأمر ، فإني لا أدري : أمقبل أنا فيه أم مدبر ! فقال له ابنه عبد الله : كلا ولكنك فرقت سيوف ابن أبي طالب ، وعرفت أن الموت الناقع تحت راياته . فقال الزبير : مالك أخزاك الله من ولد ! ما أشأمك ! كان أمير المؤمنين عليه السلام ، يقول : ما زال الزبير منا أهل البيت ، حتى شب ابنه عبد الله . برز علي عليه السلام بين الصفين حاسرا ، وقال : ليبرز إلي الزبير ، فبرز إليه مدججا ؛ فقيل لعائشة : قد برز الزبير إلى علي عليه السلام ، فصاحت : وازبيراه ! فقيل لها : لا بأس عليه منه ، إنه حاسر والزبير دارع - فقال له : ما حملك يا أبا عبد الله على ما صنعت ؟ قال : أطلب بدم عثمان ، قال : أنت وطلحة وليتماه ، وإنما نوبتك من ذلك أن تقيد به نفسك وتسلمها إلى ورثته ، ثم قال : نشدتك الله ! أتذكر يوم مررت بي ورسول الله صلى الله عليه وسلم متكئ على يدك ، وهو جاء من بني عمرو بن عوف ، فسلم علي وضحك في وجهي ، فضحكت إليه ، لم أزده على ذلك ، فقلت : لا يترك ابن أبي طالب يا رسول الله زهوه ! فقال لك : ' مه إنه ليس بذي زهو ، أما إنك ستقاتله وأنت ظالم له ' ! فاسترجع الزبير وقال : لقد كان ذلك ، ولكن الدهر أنسانيه ، ولأنصرفن عنك ، فرجع ، فأعتق عبده سرجس تحللا من يمين لزمته في القتال ، ثم أتى عائشة ، فقال لها : إني ما وقفت موقفا قط ، ولا شهدت حربا إلا ولي فيه رأي وبصيرة إلا هذه الحرب ، وإني لعلى شك من أمري ، وما أكاد أبصر موضع قدمي . فقالت له : يا أبا عبد الله ، أظنك فرقت سيوف ابن أبي طالب ؛ إنها والله سيوف حداد ، معدة للجلاد ، تحملها فئة أنجاد ولئن فرقتها لقد فرقها الرجال قبلك ، قال : كلا ، ولكنه ما قلت لك ، ثم انصرف .

وروى فروة بن الحارث التميمي ، قال : كنت فيمن اعتزل عن الحرب بوادي السباع مع الأحنف بن قيس ، وخرج ابن عم لي يقال له الجون ، مع عسكر البصرة ، فنهيته فقال : لا أرغب بنفسي عن نصرة أم المؤمنين وحواري رسول الله . فخرج معهم ، وإني لجالس مع الأحنف ، يستنبئ الأخبار ، إذا بالجون بن قتادة ، ابن عمي مقبلا ، فقمت إليه واعتنقته ، وسألته عن الخبر ، فقال : أخبرك العجب ، خرجت وأنا لا أريد أن أبرح الحرب حتى يحكم الله بين الفريقين ، فبينا أنا واقف مع الزبير ، جاءه رجل فقال : أبشر أيها الأمير ، فإن عليا لما رأى ما أعد الله له من هذا الجمع ، نكص على عقبيه ، وتفرق عنه أصحابه . وأتاه آخر ، فقال له مثل ذلك ، فقال الزبير : ويحكم ! أبو حسن يرجع ! والله لو لم يجد إلا العرفج لدب إلينا فيه . ثم أقبل رجل آخر ، فقال : أيها الأمير ، إن نفرا من أصحاب علي فارقوه ليدخلوا معنا ، منهم عمار بن ياسر ، فقال الزبير : كلا ورب الكعبة ، إن عمارا لا يفارقه أبدا ، فقال الرجل : بلى والله ، مرارا .

فلما رأى الزبير أن الرجل ليس براجع عن قوله ، بعث معه رجلا آخر ، وقال : اذهبا فانظرا ، فعادا وقالا إن عمارا قد أتاك رسولا من عند صاحبه ، قال جون : فسمعت والله الزبير يقول : واانقطاع ظهراه ! واجدع أنفاه ! واسواد وجهاه ! ويكرر ذلك مرارا ، ثم أخذته رعدة شديدة ، فقلت : والله إن الزبير ليس بجبان ، وإنه لمن فرسان قريش المذكورين ، وإن لهذا الكلام لشأنا ، ولا أريد أن أشهد مشهدا يقول أميره هذه المقالة ، فرجعت إليكم ؛ فلم يكن إلا قليل حتى مر الزبير بنا متاركا للقوم ، فاتبعه ابن جرموز فقتله .

أكثر الروايات على أن ابن الجرموز قتل مع أصحاب النهر ، وجاء في بعضها أنه عاش إلى أيام ولاية مصعب بن الزبير العراق ، وأنه لما قدم مصعب خافه ابن جرموز فهرب ، فقال مصعب : ليظهر سالما ، وليأخذ عطاءه موفورا ، أيظن أني أقتله بأبي عبد الله وأجعله فداء له ! فكان هذا من الكبر المستحسن .

كان ابن جرموز يدعو لدنياه ، فقيل له : هلا دعوت لآخرتك ! فقال : آيست من الجنة .

مخ ۱۰۰