شرح نهج البلاغه
شرح نهج البلاغة
ایډیټر
محمد عبد الكريم النمري
خپرندوی
دار الكتب العلمية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
۱۴۱۸ ه.ق
د خپرونکي ځای
بيروت
وروى أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في التاريخ ، عن ابن عباس رضي الله عنه ، قال : قال لي عبد الرحمن بن عوف ، وقد حججنا مع عمر : شهدت اليوم أمير المؤمنين عليه السلام بمنى ، وقال له الرجل : إني سمعت فلانا يقول : لو قد مات عمر لبايعت فلانا ، فقال عمر : إني لقائم العشية في الناس أحذرهم هؤلاء الرهط الذين يريدون أن يغتصبوا الناس أمرهم . قال عبد الرحمن : فقلت : يا أمير المؤمنين ، إن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم ، وهم الذين يقربون من مجلسك ويغلبون عليه ، وأخاف أن أقول مقالة لا يعونها ، ولا يحفظونها فيطيروا بها ، ولكن أمهل حتى تقدم المدينة وتخلص بأصحاب رسول الله ، فتقول ما قلت متمكنا ، فيسمعوا مقالتك ، فقال : والله لأقومن بها أول مقام أقومه بالمدينة .
قال ابن عباس : فلما قدمناها ، هجرت يوم الجمعة لحديث عبد الرحمن ، فلما جلس عمر على المنبر حمد الله وأثنى عليه ثم قال بعد أن ذكر الرجم وحد الزنا : إنه بلغني أن قائلا منكم يقول : لو مات أمير المؤمنين بايعت فلانا ، فلا يغرن امرأ أن يقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة ، فلقد كانت كذلك ؛ ولكن الله وقى شرها ، وليس فيكم من تقطع إليه الأعناق كأبي بكر ، وإنه كان من خبرنا حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عليا والزبير تخلفا في بيت فاطمة ومن معهما ، وتخلفت عنا الأنصار ، واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر ، فقلت له : انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار فانطلقنا نحوهم ، فلقينا رجلان صالحان من الأنصار قد شهدا بدرا : أحدهما عويم بن ساعدة ، والثاني معن بن عدي ، فقالا لنا : ارجعوا فاقضوا أمركم بينكم ، فأتينا الأنصار ، وهم مجتمعون في سقيفة بني ساعدة ، وبين أظهرهم رجل مزمل ، فقلت : من هذا ؟ قالوا : سعد بن عبادة وجع . فقام رجل منهم ، فحمد الله وأثنى عليه ، فقال : أما بعد ، فنحن الأنصار وكتيبة الإسلام يا معشر قريش رهط بيننا ، قد دفت إلينا دافة من قومكم ، فإذا أنتم أن تغصبونا الأمر . فلما سكت ، وكنت قد زورت في نفسي مقالة أقولها بين يدي أبي بكر ، فلما ذهبت أتكلم ، قال أبو بكر : على رسلك ! فقام فحمد الله وأثنى عليه ، فما ترك شيئا كنت زورت نفسي إلا جاء به أو بأحسن منه ، وقال : يا معشر الأنصار ، إنكم لا تذكرون فضلا إلا وأنتم له أهل ، وإن العرب لا تعرف هذا الأمر إلا لقريش ، أواسط العرب دارا ونسبا ، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين - وأخذ بيدي ويد أبي عبيدة بن الجراح - والله ما كرهت من كلامه غيرها ؛ إن كنت لأقدم فتضرب عنقي فيما لا يقربني إلى إثم ؛ أحب إلي من أن أؤمر على قوم فيهم أبو بكر .
فلما قضى أبو بكر كلامه ، قام رجل من الأنصار ، فقال : أنا جذيلها المحكك ، وعذيقها المرجب ؛ منا أمير ومنكم أمير .
وارتفعت الأصوات واللغط ، فلما خفت الاختلاف ، قلت لأبي بكر : ابسط يدك أبايعك ، فبسط يده فبايعته وبايعه الناس ، ثم نزونا على سعد بن عبادة ، فقال قائلهم : قتلتم سعدا ! فقلت : اقتلوه قتله الله ، وإنا والله ما وجدنا أمرا هو أقوى من بيعة أبي بكر ، خشيت إن فارقت القوم ولم تكن بيعة أن يحدثوا بعدنا بيعة ، فإما أن نبايعهم على ما لا نرضى ، أو نخالفهم فيكون الفساد .
مخ ۱۵