ولا يجوز أن تجري هذه الظروف مجرى الفعل في جزم الجواب إلا في ضرورة ولا يجوز أن تنصب الفعل بعد الفاء والواو في جوابها، لأن الفعل كما تقدم في الجواب معطوف على مصدر متوهم يدل عليه الفعل وليس هنا ما يدل عليه المصدر.
باب التصغير التصغير يرد في كلام العرب على ثلاثة معان: أحدهما: أن يراد به تصغير شأن الشيء وتحقيره، نحو قولك: رجيل سوء.
والآخر: أن يراد به تقليل كمية الشيء نحو قولك: دريهمات.
والآخر: أن يراد به تقريب الشيء وذلك نحو: أخي، وصديقي، إنما يراد بذلك تقريب منزلة الأخ من أخيه والصديق من صديقه.
وزعم أهل الكوفة أنه قد يكون لتعظيم الشيء واستدلوا على ذلك بقوله:
فويق جبيل شامخ لن تناله
بقنته حتى تكل وتعملا
قالوا: فقوله: حتى تكل وتعملا، دليل على عظمه. وكذلك قول الآخر:
أحار ترى بريقا هب وهنا
كنار مجوس تستعر استعارا
فقوله: كنار مجوس، وقوله: تستعر استعارا، دليل على عظم هذا البرق. وكذلك قول الآخر:
وكل أناس سوف تدخل بينهم
دويهية تصفر منها الأنامل
يريد الموت، وهو عظيم في نفسه. قال الله تعالى: {قل هو نبأ عظيم }{أنتم عنه معرضون } يعني الموت.
وهذا كله لا حجة فيه أما البيت الأول فيريد به أن الجبل لصغره وارتفاعه يصعب على سالكه لوعورته وضيق طرقه، فلن يناله بقنته حتى يكل ويعمل، ولو كان كبيرا لاتسعت طرقه ولسهل على سالكه.
وأما البيت الآخر فيريد بالبرق المذكور فيه أنه محبوب، إما لكونه ظهر على أثر جدب وهو دليل على المطر، وإما لكونه لاح من أفق محبوبه فيكون من باب أخي وصديقي.
وأما الثالث فالمراد بتصغير الناهية فيه أنها خفية لا يعلم سببها، وإن كان فعلها عظيما، لأنها تأتي على ما عظم من المخلوقات، فصغرت بالنظر إلى خفائها.
مخ ۵