الشرح: أما تعلق هذا بما قبله فلوجهين: أحدهما أن المتقدم كان متعلقا بالحركة البدنية وهذا متعلق بالحركة النفسية لأن الإحساس من الانفعالات النفسية، والانفعال حركة. وثانيهما أن الأول كان يتبين به أنه قد يحس شيء لا وجود له، لأن الإعياء إحساس بالتعب ولا وجود له لأن التعب لا يكون إلا عن الحركة، ولا حركة فلا تعب. وهذا يتبين منه أنه قد يكون للشيء وجود ولا يحس، والوجع هو الإحساس بالمنافي من حيث هو مناف بغتة. فقولنا بالمنافي، تخرج اللذة لأنها إحساس بالملائم من حيث هو ملائم. وقولنا من حيث هو مناف، لأنه قد يكون للشيء المنافي أحوال A لا يكون بها منافيا فيحس به من تلك الجهة فيلتذ به كما يتلذ بأكل الفواكه الضارة، لأنا لا نحس بها من جهة ما هي ضارة بل من جهة ما هي ملائمة، مثلا من جهة ما هي حلوة مغذية. وقولنا: بغتة. على سبيل التفهيم، فإنه لا يحس المنافي أو النافع إلا إذا وقع بغتة، وأما إذا استمر زمانا طويلا فقد لا يحس، كما لا يحس صاحب حمى الدق بحرارتها وهي مذيبة لأعضائه. فإن قيل إذا كان الوجع ما قلتموه لم يصح. قوله: من يوجعه شيء من بدنه ولا يحس بوجعه. لأنه إذا لم يحس به، لا يكون وجعا. قلنا: مراده بقوله: من يوجعه. أي من يوجعه ذلك في ظننا، وذلك إذا شاهدنا في عضو سببا للوجع، كجراحة أو ورم فنحن نظن أنه يوجعه ذلك؛ فإذا لم يوجعه، فإما أن يكون ذلك لاشتغال النفس عنه بما هو أعظم، كما إذا كان به وجع أعظم من ذلك؛ أو لأن ذلك العضو عديم الحس ولا يحس؛ أو لأن الذهن مختلط، ويفرق بين هذا وبين ما قبله بأن هذا قد يوجعه في بعض الأوقات وهو عندما B يصح الذهن قليلا، ولهذا قال: ولا يحس بوجعه في أكثر حالاته. وهذا يفهم على وجهين: أحدهما أنه في أكثر حالاته لا يحس. وثانيهما أن لا يكون الإحساس في الأكثر، وهذا لا يمنع أن يكون مساويا للإحساس. وكلا المعنيين صحيح. وأما الذي يكون لبطلان حس العضو فلا يوجعه البتة على كل حال. وأما الذي لاشتغال النفس بما هو أقوى، فلو قوى ذلك أوجع، لأن النفس تنصرف إليه.
[aphorism]
قال أبقراط: الأبدان التي تهزل في زمان طويل، فينبغي أن تكون إعادتها بالتغذية إلى الخصب بتمهل، والأبدان التي ضمرت في زمان قصير ففي زمان يسير.
[commentary]
مخ ۷۱