الشرح: أما تعلق هذا الفصل بما قبله، فلأنه قد تكلم فيما يتعلق بالأسباب الضرورية فيما هو متعلق بالأغذية والاستفراغ والنوم، وقد بينا أن ما يتعلق بالأهوية فالحاجة إليه قليلة، فنفى ما يتعلق بالحركة البدنية والنفسانية. والإعياء موضوع في الأصل لما يحس عند الحركة المفرطة، ثم كان الإعياء أولى من باقي ما يتعلق بالحركة لأنه كثيرا ما يحدث عقيب النوم وخصوصا الغير تام، فوجب أن يصله بالكلام في النوم واليقظة. وأما الفصل الذي هو: لا الشبع ولا الجوع. فهو كالتأكيد لما قبله كما بينا، فلهذا وقع دخيلا. ونقول: الإعياء إما مفرد، وإما مركب. والمفرد أصنافه أربعة: أحدها: القروحي: وهو ما يحس منه في الجلد كمس القروح، وربما أحس كنخس الشكوك، ويحس ذلك عند مس أعضائهم وعند الحركة، فإذا قوى صار قشعريرة، وإذا أفرط أوجب نافضا A وحمى. وثانيها: التمددي: وهو أن يحس صاحبه كأن بدنه قد رض، ويحس بحرارة وتمدد، ويكره الحركة حتى التمطي، ويكون عن مواد صالحة الجوهر محتبسة في العضل، وقد يكون لريح تمدد، ويفرق بينهما بالخفة والثقل. وثالثها: الورمي: وهو ما يكون معه البدن كالمنتفخ حجما ولونا، ويحس معه بتمدد وكراهة للحركة. ورابعها: يقال له: القشفي والقصفي. وهو ما يحس صاحبه كأنه قد أفرط به الجفاف واليبس. وأما المركب فما يتركب عن هذه بعضها مع بعض. والإعياء يحدث على وجهين: أحدهما عن الحركة وهو أسلم، ويقال له: الإعياء الرياضي. وثانيها عن كثرة المواد وهو أردأ (45)، ويسمى الإعياء الذي لا يعرف له سبب؛ لأن السبب المعروف للإعياء هو الحركة، فما ليس عن الحركة ليس له سبب ظاهر عند الجمهور، وأما العلماء فسببه عندهم معلوم. وأما أنه ينذر بالمرض، فلأن الفضول إذا تحركت بنفسها دل ذلك على كثرتها جدا، فإذا لم تصلح B ولم تستفرغ ففي غالب الأمر توجب مرضا. وأما الإعياء الرياضي فليس كذلك، لأن مادته إنما حركتها الرياضة فلا يدل ذلك على كثرتها.
[aphorism]
قال أبقراط: من يوجعه شيء من بدنه ولا يحس بوجعه في أكثر حالاته، فعقله مختلط.
[commentary]
مخ ۷۰