الشرح: قد بينا في الفصل الماضي أن الوجع، بل كل إحساس، لا يكون إلا بما يعرض دفعة، وأعني بالدفعة الزمان القصير. وأما ما يكون قليلا قليلا، فإنه لا يحس. وهذا الفصل كأنه دليل على ذلك، كأنه قال: وكذلك فإن الأبدان التي تهزل في زمان قصير، تعود إلى الخصب A في زمن يسير؛ لأن ذلك لسبب قوي عارض دفعة، فتكون الطبيعة مدركة له ومتضررة به، ويكون ذلك الهزال كالغريب عن المزاج الطبيعي، فتكون إزالته أسهل. وأما إذا كان الهزال في زمن طويل كان عروضه بالتدريج، فلم يكن للطبيعة شعور، ويكون قد استقر زمانا طويلا فألفته الأعضاء والطبيعة، وصار كأنه مزاج أصلي، ويكون الخصب كالغريب. ولا شك أن ذلك يوجب أن يكون عود الخصب أعسر وأبطأ؛ وها هنا سبب آخر، وهو أن في الهزال لابد وأن يكون الوارد أقل من المتحلل، وإذا دام ذلك أوجب -لا محالة- ضعفا في القوى الغريزية التي في الأعضاء، وصلابة في جواهرها، فتحتاج في العود إلى الخصب إلى ترطيب الأعضاء ولينها وتقوية القوى، وذلك محوج -لا محالة- إلى زمان طويل؛ ولا كذلك ما كان من الخصب في زمان قصير.
[aphorism]
مخ ۷۱