============================================================
ومن الدليل على كون العقل حجة قوله تعالى خبرا عن أهل النار: ( وقالوا لوكنا نتمع أو نعقل ماكتا في أضحب السعير} [الملك: 10]، أخبر أنهم إنما صاروا في التار لتركهم الانتفاع بالسمع والعقل، وفيه(1): لو أنهم انتفعوا بالعقول في معرفة الصانع قبل ورود
الشرع لر يصيروا في النار، بدليل دخول حرف أو بين العقل والسمع، يحققه قوله تعاى: (فأعترقوا بذنبهم فسحقا لأصحب السعير) [الملك: 11]، فكان فيه دليل أن ترك وظاهر أن المعنين الثاني مبني على الأول، وأن الأول من مسائل العقائد، وأن الثاني من مسائل الفقه، ومنه قال الشارح ما قاله من أن العقل من حجج الله تعاى. وأما الاعتراض على الأصلين، أعني عدم كفاية الظن في مقام الاعتقاد، وأن العقل من حجج الله تعاى، فلا يصدر عن فاهم لهما.
(1) قوله: (وفيه.. الخ)، لا بد أن فيه مباحثات، فإن الموجب للنار هو أن يكفر المكلف بالله رب العالمين. وفي شرح البيجوري على الجوهرة أن أهل الفترة والصبيان لا يجب عليهم شيء، وأتهم ناجون مطلقا، وهو مخالف لما ذكره الشارح من أن ترك الاستدلال بالعقل قبل ورود الشرع موجب للنار.
وعليه؛ فليس في خبر الآية ما زعم الشارح أنه فيه، ولو حققه دخول (أو) بين الشمع والعقل حقا فهلا كفاهم الانتفاع بالعقل عن السمع. وهذه المسألة تذكر عند الكلام على التكليف أو الحسن والقبح والخلاف في التحسين والتقبيح بين المعتزلة وأهل السئة، ودع عنك ما لا يفهم من أن الحنفية وسط بين الأشاعرة والمعتزلة، فإن محل النزاع يأبى التثليث. وأما الخلاف بين الأشاعرة والحنفية فليس من الأصول في شيء، لعدم قول الحنفية بالإيجاب أو التوليد، كما في شرح الخيالي على النونية وأصله، بل الخلاف في أن المكلف من هو؟ كما يفهم من شرح الجوهرة، وهو راجع إى قيود الشرع الشريف. وإى الله متاب.
مخ ۵۶