============================================================
الاستدلال بدليل العقل لمعرفة الصانع عز اسمه موجب للنار كترك السمع.
فإن قيل: قوله تعالى خبرا عن خزنة النار لأهلها: ( قالوا آولم تلك تأتيكم وسلكم بالبيكت} [غافر: 50]، ولريقولوا: أولر تكونوا عقلاء؟ قيل له: قولهم ذلك كلام توبيخ على ما صنعوا، فيكون بأظهر الأمور وأعلاها، وحجج الشرع أظهر من حجج العقل، فوئخهم بالأظهر(1)، وذلك لا يدل على أن العقل ليس بحجة.
فإن قيل: قوله تعاى: (( وما كتا معذيين حق نتصك رسولا) [الإسراء:15]، في الآية دلالة أن قطع العذر يكون بالسمع لا بالعقل، قلنا: هو عذاب الاستيصال في الدنيا، ألا ترى أنه ذكر القرى ولا قرى في الآخرة؟ وعذاب الدنيا جزاء على تكذيب الؤسل زجرا لمن بعدهم عن تكذيب الؤسل، لا جزاء على الكفر، إذ جزاء الكفر بالنار على التأبيد في دار الجزاء، فكان إخبارا عن تأخير العذاب إلى سحين بعث الرسل تفضلا منه، ولو أهلكهم بظلم كفرهم قبل ورود الرسل كان عدلا منه.
( الله تعالى باق بذاته] وأما قوهم: (دائم بلا انتهاع)، فهذا إقرار منهم بأنه تعالى باق بذاته، لأنه قديم لر يزل، وهو باق لا يزال، لأن القديم يستحيل عليه التغير والژوال، فقالوا بأنه دائم بلا انتهاء ليعلم أن دوامه تعاك ليس يتعلق بالزمان، كلما مضى زمان يحدث زمانا كدوام (1) أظهرية العقل على السمع مما لا يفهم إلا على تأؤل، فإن كلا منهما حجة مفيدة للعلم القطعين.
مخ ۵۷