============================================================
المرصد الخامس - المقصد الثالث: النظر الصحيح عند الجمهور النظر فيه علما (فما ظنك بأبعدها) عنه وإفادة النظر فيه العلم، وهذا من قبيل التنبيه بالأدنى على الأعلى لا من القياس الفقهي كما ترى (قلنا: لا نسلم أن هوية الإنسان غير معلومة له) اصلا (وكثرة الخلاف فيها لا تدل إلا على العس) اي على عسر معرفتها (واما الامتناع) أي امتناع معرفتها أو عدمها (فلا) تدل عليه تلك الكثرة لجواز أن تكون معلومة لصحة بعض تلك الأنظار وفساد باقيها، فلم يثبت بما ذكرتم أن هناك نظرا صحيحا لا يفيد علما، بل ثبت أن تميز النظر الصحيح عن غيره مشكل جدا، فيكون ذلك في الإلهيات أشكل ولا نزاع فيه. الطائفة (الثالثة الملاحدة قالوا: النظر لا يفيد العلم بمعرفة الله تعالى بلا معلم) يرشدنا إلى معرفته، ويدفع الشبهات عنا (وقد رد عليهم بوجهين الأول صدق المعلم) ولا بد منه (إن علم بقوله) أي إخباره بصدقه في أقواله (لزم الدون لأن إخباره هذا إنما يفيدنا العلم بصدقه فيها بعد علمنا بصدقه في أقواله كلها، حتى يتحقق عندنا صدقه في هذا الإخبار (وإن علم) قوله: (النظر لا يفيد العلم بمعرفة الله) الباء بمعنى في كما صرح به الشارح فيما بعد، متعلق بالنظر اي النظر في تحصيل معرفته تعالى، او لأجل معرفته تعالى لا يفيد العلم، وإن كان يفيد الظن فقيد العلم ضروري، فمن قال: إن لفظ العلم مقحم والحق في العبارة لا يفيد معرفة الله تعالى فقد أقحم تفسه.
قوله: (لأن إخباره إلخ) وذلك لأن الاستدلال منحصر في الأقسام الثلاثة على ما سيجيء، والمفيد متها اليقين هو الاستدلال بحال الكلي على حال الجزئي فالعلم بصدقه في هذا الجزثي إنما يحصل من العلم بصدقه في جميع الإخبار.
قوله: (وإن علم صدقه يالعقل) بأن كان معه دليل يفيد العلم بصدقه كالمعجزة والكرامة، أو أحواله الدالة على صدقه.
قوله: (قالوا النظر لا يفيد العلم يمعرفة الله تعالى بلا معلم) الظاهر أن لفظة العلم مقحم، والحق في العبارة أن يقال : لا يفيد معرفة الله تعالى وكاته أراد العلم المتعلق بمعرفة الله تعالى، بأن يكون مبادي ايضا تامل.
قوله: (لزم الدور إن قلت: يجوز أن يعلم صدقه بقوله المخصوص، وصدقه بأن ظهر المعجزة على يده او الكرامة، قلت: إنما يحصل العلم بالصدق بعد العلم بأن الله تعالى صدقه فيما قاله بإظهار الممجزة في يده، وإلا فيجوز الكذب من السحرة واصحاب الاستدراج، فحينغذ يلزم الدور لأن قول المعلم لا يفيد العلم بالله تعالى إلا بعد العلم به تعالى، فلو استفدنا معرفته تعالى من قول المعلم لدار، وعلى ما ذكرنا حمل الأبهرى في شرحه قول المصنف: لزم الدور وكان الشارح تركه لأنه يرجع إلى علم الصدق بطريق الاستدلال العقلي لا بقوله إلا آن يدعي بداهة علم صدق قوله: المخصوص وإن ما ذكره بيان لميته وأياما كان فالدور لازم.
مخ ۲۴۵