246

============================================================

المرصد الخامس - المقصد الثالث: النظر الصحيح عند الجهور صدقه فيما يخبر عن الله تعالى (بالعقل ففيه كفاية) في معرفة الأمور الإلهية فلا حاجة إلى المعلم (وأجيب) عن هذا الوجه (بانه قد يشارك العقل قوله) في العلم بصدقه (بأن يضع) المعلم (مقدمات يعلم) بالعقل (منها صدقه) فيكون العلم بصدق المعلم مستفادا منهما معا، فلا دور ولا كفاية. الوجه (الثاني لو لم يكف العقل) في معرفته تعالى (لاحتاج المعلم) فيها (إلى معلم آخر ويتسلسل وأجيب) عنه (بأنه قد يكفي عقله) لكونه مؤيدا من عند الله بخاصية تقتضي كمال عقله واستقلاله في معرفته (دون عقل غيره، أو ينتهي إلى الوحي) أي إن سلم احتياجه إلى معلم آخر لم يلزم التسلسل لجواز الانتهاء إلى النبي الذي يعلم الأشياء بالوحي (والمعتمد) في الرد عليهم (دعوى الضرورة فإن من علم المقدمات الصحيحة) القطعية (المناسبة لمعرفة الله تعالى على صورة مستلزمة) للنتيجة (استلزاما ضروريا) كما في الأقيسة الكاملة (حصل له المعرفة قطعا) كقولنا: العالم ممكن وكل ممكن له مؤثر، فالعالم له مؤثر، وما يقال: من أن العلم بتلك المقدمات على تلك الصورة مما لا يحصل إلا بمعلم مكابرة صريحة، نعم إذا كان هناك معلم كان الأمر أسهل (وهذا) المعتمد (إنما يصير حجة على من قال: النظر لا يفيد العلم) بلا معلم في معرفة الله تعالى (وأما من قال:) إنه يفيده فإن مقدمات إثبات الصانع وصفاته تستلزم العلم بنتائجها لكن (العلم الحاصل بالنظر وحده لا يفيد النجاة) في الآخرة، ولا يكمل به الإيمان قوله: (ففيه كفاية إلخ) لأن العلم بصدق المخبر فيا أخبر به هؤ العلم بصدق ما أخبر به، فإذا كفى نظر العقل في معرفة صدق المعلم كفي في معرفة صدق ما أخبر به، فلا يرد ما توهم من أن صدق المعلم ليس من المعارف الإلهية التي يدعى عدم استقلال العقل فيها، فلا يلزم من كفاية العقل فيه كفايته فيها.

قوله: (بأنه قد يشارك إلخ) جواب باختيار الشق الثالث.

قوله: (الذي يعلم الأشياء بالوحي) فهو يعلم المعارف الإلهية بطريق الضرورة من غير احتياج إلى معلم آخر.

قوله: (كما في الأقيسة الكاملة) وهي التي لا تحتاج في الإنتاج إلى قياس آخر، وهو الشكل الأول والقياس الاستثنائي المتصل.

قوله: (مكابرة) كيف وذلك العلم حاصل لنا مع الغفلة عن المعلم والتعليم.

قول: (وإن علم صدقه فيما يخبر عن الله تعالى بالعقل ففيه كفاية) فيه بحث لجواز أن يعلم صدقه فيه بدليل دال على أن كلامه مطلقا صادق، وليس صدق المعلم من المعارف الإلهية التي يدعي عدم استقلال العقل فيها، لأن المراد بها الأمور الغائبة عن الحواس وصدقه مما بهتدي إليه بمشاهدة قرائن الأحوال .

مخ ۲۴۶