102

============================================================

المرصد الثالث - المقصد الثانى: العلم الحادث ينقسم إلى ضروري ومكتسب ومتى حضلت وكيف حصلت، كما سنذ كره بخلاف النظريات فانها تحصل بمجرد النظر المقدور لنا، وكالمحسوسات بالحواس الباطنة مثل علم الإنسان بلذته وألمه، وكالعلم بالأمور العادية مثل علمنا بأن الجبال المعهودة لنا ثابتة، والبحار غير غائرة، وكالعلم بالأمور التي لا سبب لها ولا يجد الإنسان نفسه خالية عنها، مثل علمنا بأن النفي والإثبات لا يجتمعان ولا يرتفعان (والبديهي ما يثبته مجرد العقل) اي يثبته بمجرد التفاته من غير استعانة بحس، أو غيره تصورا كان أو تصديقا (فهو أخص) من الضروري، وقد يطلق مرادفا له (والكسبي يقابل الضرورى) فهو العلم المقدور قوله: (وكالعلم بالأمور التي إلخ) أى العلم البديهي، وإذا لم يكن له سبب صدق أنه ليس تحصيله مقدورا لنا إذ لا معنى لكون العلم مقدورا إلا كون سببه وطريقه مقدورا فإن قلت أليس ذلك العلم حاصلا لنا بمجرد الالتفات المقدور لنا، فيكون مقدورا قلت: الالتفات قدر مشترك بين جميع العلوم، فليس ذلك سببا له بل لخصوصية الأطراف مدخل فيه، ومعني كون مجرد الالتفات كافيا فيه أنه لا احتياج فيه إلى سبب آخر، لا أنه سبب تام كما أشار إليه الشارح بقوله: من غير استعانة بحس او غيره أي من الأسياب.

قوله: (فهو أخص من الضروري) لأنه الذي لا يكون تحصيله مقدورا بأن لا يكون له سبب مقدور يدور معه وجوده وعدمه، وذلك بأن لا يكون له سبب يدور معه، وهو البديهي أو يكون له سبب يدور معه لكن لا يكون مقدورا كالحسيات والتجربيات والعاديات، وغير ذلك فاستقم فانه قد زل فيه أقدام.

قوله: (بخلاف النظريات إلخ) يرد عليه ان اعتبار القدرة على التحصيل فيها إن كان بطريق المدخلية في الجملة عادة كما هو الظاهر، يلزم أن تكون العلوم الضرورية التي تتوقف على قدرتنا في الجسلة، كما تتوقف على التجربة والإحساس غير ضرورية، فإنه مما فيه مدخل لقدرة المخلوق وإن كان على وجه الكفاية والاستقلال، فهو خلاف المذهب فإن قلت : نختار أن القدرة قد اعتبرت على وجه الاستقلال عادة بمعنى أن الكسبي يتوقف على مجرد قدرتتا عادة والضروري ليس كذلك، بل يتوقف على أمور خارجة عنها، وإن توقف عليها أيضا في الجملة، قلت: إن الكسبيات كما تتوقف على قدرتنا تتوقف على آشياء ضرورية، كالمبادي الضرورية مثلا على أن عدم العلم بتلك الأشياء بخصوصها لا يستلزم العلم بالعدم، فلا نسلم أن العلم بالكسبيات إنما يحصل بمجرد قدرة المخلوق، وأيضا كثير من العلوم الضرورية يحصل بمجرد التفاتنا المقدور لتا كما يدل عليه تفسيره الأتي للبديهي، فيلزم أن يكون ذلك من الكسبيات والتزامه ينافي ما سيجيء من أن النظري والكسبي متساويان صدقا، اللهم إلا آن يمنع حصولها بمجرد الالتفات، ويؤول ما سيذ كره بما سنذكره.

قوله: (فهو أخص من الضروري) فيه يحث لأن البديهي على ما عرفه به ما يثبته العقل بمجرد التفاته، والتفات العقل مقدور فيكون تحصيله مقدورا، والضروري غير مقدور فيينهما

مخ ۱۰۲