وأما حديث تحاج موسى وآدم عليهما السلام فلم يرد آدم فيه الاعتذار من الذنب بل أراد أنه قد وقع منه ذلك واستغفر الله تعالى منه فكيف يلام من قد سبق العلم واستغفر منه وتاب إذ لا لوم على التائب المستغفر لله كما حكى الله تعالى توبته في كتابه وليس في الدين إشكال إن شاء الله تعالى.
وقد تأول أهل الحديث بتأويلات تؤدي هذا المعنى ولم يعملوا بظاهره.
وأما قول القاضي أن كتب الحديث لا يقرء فيها لأجل ما فيها من المتشابهات والجبر والتشبيه واحتج بنهي المهدي علي بن محمد.
فأقول: الله يجب الإنصاف أليس في كتاب الله تعالى المتشابه فلا بد أن يقول نعم فنقول كذلك السنة فيرد المتشابه إلى المحكم كما في القرآن الكريم لا يمنع من قراءتها فإن أكثر الأحكام فيها قطعا والرواة الذين رووا المحكم هم الذين رووا المتشابه في الغالب فكيف يصح هذا دون هذا والراوي واحد فإن قال الرواة جبرية ومشبهة ومرجئة فلا يعمل بروايتهم.
قلنا قد عمل أئمة الزيدية بروايتهم في كتبهم ومصنفاتهم مسندة إليها كما سبق ثم إنه لم يكن فيهم مشبهة ولا من يلتزم الجبر ولا يقول به أحد بل يضللون من قال به أما التشبيه فالأمر ظاهر أنه لا يقول به أهل السنة أصلا وكذلك الإرجاء ولذلك يجرحون في كتب الرجال بالإرجاء والإرجاء هو التأخير في اللغة والشرع قال تعالى: { وآخرون مرجون لأمر الله } [التوبة:106] والقول إن الإيمان قول بلا عمل فهذا هو المذموم الذي لا يقول به أحد من أهل السنة وأما الرجاء وهو الأمل في الله وحسن الظن فلا بأس به قال تعالى: { تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا } [السجدة:16] وقال تعالى: { يرجون رحمته ويخافون عذابه } [الإسراء:57] وفي الحديث عنه - صلى الله عليه وسلم - : (أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء) والرجاء هو علامة كل مؤمن ومن لم يقل به فهو آيس من رحمة الله تعالى.
مخ ۴۹