[83] محمد بن عائذ ، عن الوليد ، قال : فحدثني أبو سعيد المعيطي، والليث - يعني ابن تميم الفارسي - : أن أليون لما رأى ما قد لزمه من حصارنا وأشفق منا الغلبة ، كتب إلى صاحب برجان (ccxlv[245]) ، " أما بعد : فقد بلغك نزول العرب بنا ، وحصارهم إيانا ، وليسوا يريدوننا خاصة دون غيرنا من جماعة من يخالف دينهم ، وإنما يقاتلون الأقرب فالأقرب ، والأدنى فالأدنى ، فما كنت صانعا يوم تأتيهم الجزية ، أو يدخلوا علينا عنوة ، ثم يفضون إليك وإلى غيرك ، فاصنعه يوم يأتيك كتابي هذا " . فكتب صاحب برجان إلى مسلمة ، " أما بعد : فقد بلغنا نزولك بمدينة الروم ، وبيننا وبينهم من العداوة ما قد علمتم، وكلما وصل إليهم فهو لنا سار ، فمهما احتجت إليه من مدد أو عدة أو مرفق فأعلمناه ، يأتيك منا ما أحببت " . فكتب إليه مسلمة : " أنه لاحاجة لنا بمدد ولا عدة ، ولكنا نحتاج إلى الميرة والسوق ، فابعث إلينا ما استطعت " . فكتب إليه صاحب برجان : "إني قد توجهت إليك سوقا عظيما فيه من كل ما أحببت من باعة ، يضعفون عن النفوذ إليكم به ممن يمرون به من حصون الروم ، فابعث من يجوزه إليك " . قال : فوجه إليهم خيلا عظيمة ، وولى عليهم رجلا ، ونادى في العسكر ؛ ألا من أراد البيع والشري فليخرج مع فلان ، حتى يلقوا هذا السوق ، قال : فخرجنا بشرا عظيمة ، يتبع بعضنا بعضا ، على غير حذر ولا خوف من عدو ، حتى أفضوا إلى عسكر السوق ، في مرج واسع ، حتى أضاقت به الجبال ، وكتائب برجان في شعاب تلك الجبال وغياضه ، فلما أنزل والي الجيش بعسكره ، وانتشر الناس في السوق ، وشغلهم البيع والشراء ، شدت عليهم كتائب ، فقتلوا ما شاءوا وأسروا ما شاءوا ، إلا من أعجزهم ، ثم وألت برجان إلى بلادهم ، وبلغ مسلمة ومن معه ، فأعظمهم ذلك ، وكتب به مسلمة إلى سليمان بن عبدالملك يخبره بما كان ، فقطع بعثا على أهل الشام إلى برجان كثيفا ، وولى عليهم شراحيل بن عبيدة (ccxlvi[246]) ، فسار بهم حتى أجاز الخليج ، ثم مضى إلى بلاد برجان فساح في بلادها ، وأنفى ، ولقوه فقاتلوه ، فهزمهم الله ، ثم قفل إلى مسلمة وكان عنده (ccxlvii[247]).
مخ ۵۲