[84] محمد بن عائذ ، قال : قال الوليد بن مسلم : فذاكرت هذا الحديث؛ يعني حديث غزو القسطنطينية بعض مشيختنا ، وأنكر أن يكون سليمان قطع بعثا سوى البعث الأول ، ولا وجه من عنده أحدا ، ولكن مسلمة لما جاءه صاحب برجان يعلمه ما بعث به إليه من السوق ، فبعث بعثا وولى عليهم عبيدة بن قيس(ccxlviii[248]) ، وابنه شراحيل بن عبيدة ، فولي عند ذلك عبيدة بن قيس على أهل دمشق ، وولى شراحيل بن عبيدة على أهل الجزيرة ، ومضى حتى إذا دفع إلى أرض برجان ، لقوه بعدة الحرب من الرجال والسلاح والعجل فيها الرجال تجر تلك العجل البراذين ، فلما رأى ذلك عبيدة ، قال لأصحابه : اكسروا أغماد سيوفكم ، ثم امشوا إليهم حتى ترموهم بها ، ثم اضربوا أعناق براذين العجل ، ففعلوا ، واقتتلوا قتالا شديدا ، ثم إن مسلمة لما وجههم أشفق أن يكون قد خدع عنه ، فوجه إليه رجلا من موالي بني عامر ، في خمسمائة فارس من فرسانه حتى انتهى إلى عبيدة ، وقد أمره مسلمة أن يرده حيث أدركه، فوجده يقاتل القوم ، ووجد شراحيل بن عبيدة قد قتل ، ووجد عنده قواد الأجناد ، وهو يقول لهم قوموا فاكفوا ما كان شراحيل يكفيه ، فلما رآه قال : قوموا عني فقد أتاني رسول الأمير ، فقاموا عنه ، فقال : إن الأمير ظن أنه قد خدع عنا ، وفي كم وجهك ؟ قال : في خمسة آلاف ، ثم أخبره أنه إنما وجهه في خمسمائة ، ومضى عبيدة حتى واقف العدو ، وهيأ كراديسه ، ثم حضر رسول مسلمة يوصيهم من أدناهم إلى أقصاهم حتى كان من آخرهم أهل فلسطين . وصاحب برجان في سلاحه على برذونه مخفف ، فقال له حصين : أتقف لي ، أو أقف لك ، فأومأ إليه العلج ، فخيره ، فاختار حصين أن يقف له العلج ، ويتحين موضعا يطعنه فيه ، فلم ير أن موضعا أفضل من نحر برذونه ، لما على العلج من السلاح ، فشد حصين على العلج فطعن نحر البرذون ، فاستدار بالعلج فصرعه ، فطرح حصين نفسه على العلج فقتله ، واحتز رأسه ، وخرج بسلبه إلى عبيدة ، وانحاز القوم عنهم ، وضرب الله وجوههم ، ودفع حصين إلى عبيدة كتاب مسلمة يأمره بالانصراف ، فكره عبيدة أن ينصرف عنهم وقد هزمهم الله ، فأراد المضي ، فأبيت عليه ، قلت : مر الناس بالانصراف بجميع العسكر ، وقد فتح الله ، حتى إذا كان بمرج خصيب من أرض برجان نزل ، ونزل الناس في ذلك الحشيش طبخ بعضهم طبيخا ، فهاجت عليهم ريح شديدة في ذلك الحشيش ، فأقبل العدو يمر الحصون على دوابهم ، حتى إذا كانوا عند طرف العسكر أرسلوا نارا في ذلك الحشيش ، فأقبلت النار حتى إذا كانت عند طرف العسكر قطعها الله وأخمدها ، والعدو ينظرون ، فلما رأوا ذلك انكشفوا(ccxlix[249]).
مخ ۵۳