115- ومما وقع للعبد الضعيف مؤلف هذه (الصفحات) أيام الطلب والدراسة: أني كنت عائد من القاهرة إلي بلدي حلب في أخر العام الدراسي عام 1367=1947 فلما وصلت إلي مدينة حيفا _ وكانت تحت الاحتلال الإنكليزي _بت فيها انتظارا لسفر السيارة صباح الغد إلي دمشق , بعد أن حجزت في السيارة الكبيرة لسفري ودفعت الأجرة 60 قرشا مصريا , وذهبت إلي الفندق بانتظار صباح الغد للسفر , وكان قد بقي معي من النفقة بعد تناول العشاء وأجرة @ الفندق 65 قرشا مصريا.
فلما جئت علي الموعد صباحا رفض سائق السيارة أن يحملني , نظرا إلي أن معي أمتعتي في حقيبة ومعي أيضا حقيبتان مملوءتان كتبا , ورد لي 60 قرشا فقلت له: أزيدك علي أجرتك أجرة للحقيبتين , فأبي وأنزل ما كان حمله من أمتعتي في الطريق , وساق سيارته ومشي دون أن يستجيب لما عرضته عليه! فبقيت علي الأرض! والسيارة الكبيرة التي حجزت فيها لرخصها لا تذهب إلي دمشق إلا مرة واحده في اليوم وفنالني من الغم والحزن ما الله تعالي به عليم.
ورآني رجل من أهل حيفا وأنا أحاور السائق لإركابي , ورآه قد تركني ومشي دون مبالاة ولا رحمة , ورأي همي وغمي! فقال لي: لا تغم يا شيخ , هناك سيارة ثانية تذهب إلي دمشق في (شركة العلمين) , وهي سيارة صغيرة تذهب بعد الظهر فسافر فيها ,واستدعي سيارة أجرة لنذهب بها إلي (شركة العلمين) , فأخذت طريقي معه إليها , ولما وصلت إلي مقر الشركة علمت أ، السيارة تسافر بعد الظهر في الساعة الثانية , وأجرة الركوب فيها 250 قرشا مصريا ,فقلت لهم: عندي الآن 125 قرشا , وأدفع لهم الباقي في دمشق فقبلوا. فدفعت لهم نا بقي معي 125 قرشا , وذهبت أتمشي في البلد بانتظار الموعد بعد الظهر.
ولما جئت علي الموعد في الساعة الثانية , وجدت الموظفين في مكتب الشركة يتوارون بوجوههم مني ,وقد حان الموعد المحدد للسفر , ومشهور جدا عن هذه الشركة ضبط مواعيدهم ودقة انتظامها في معاملتها , فرابني تأخرهم وتواريهم , ثم علمت أنه ليس من مسافر إلي دمشق سواي عنددهم , وهم يتضنون أن تخرج سيارة براكب واحد , وعدد ركابها خمسة.
مخ ۹۲