وقد ظلت هذه الحوالة مع الرسالة تذهب وتعود بين إصطنبول والقاهرة @ طوال هذه المدة , لعدم وجودي ولعدم معرفة عنواني في القاهرة , حتي وصلتني في ذلك اليوم الثالث من شدتي هذه , فأخذت الحوالة , وتوسعت بها أنا ونزيلي في الغرفة إلي حين.
قال: وكان سبب إرسال تلك الجنيهات إلي, من صاحبي الشيخ الحواصلي في إصطنبول _كما حدثتني بعد التقائنا في القاهرة _,أنه عاد يوما إلي بيته , وقد أشتري سمكا طيبا وتغدي منه , ثم تذكرني وتذكر أني بعيد عن الأهل والبلد , ولا مورد ولا عمل , وأني خرجت من البلد بملابسي, فأرسل لي تلك الحوالة من أشهر بعيدة , وشاء الله أن تصلني في حينها المناسب , فالحمد لله علي كريم لطفه وتدبيره.
114- قال: وقد أملقت إملاقة ثانية بدمشق أيضا , ومضي علي يومان _ أو قال: ثلاثة _دون طعام , وفي اليوم الثالث لقيني في الطريق رجل من أهل فلسطين , كنت لمحته في بعض المجالس التي ضمتني مع بعض العلماء بدمشق, فتقدم لي قدرا حسنا من المال , وأصر علي بأخذه , وألح كثير, فأخذته تحت إلحاحه وتحت شدة الفاقة والجوع , ولكني ما عرفت اسم ذاك الرجل, ولا اهتديت إليه حتى الآن لأرد له الجميل!
وكان شيخنا (الكوثري) رحمه الله تعالي (زاهدا) حقا عند كل عارفيه , فكان من الذين إذا وجدوا آثروا , وإذا فقدوا صبروا وشكروا , فرحمه الله تعالي واعلي مقامة في الصابرين.
مخ ۹۱