288

روکامبول

الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)

ژانرونه

فقالت باكارا: لا بأس، ولا فرق لدى الفيكونت بين أن يسترجع أمواله ذهبا أو عقارا. - ومن يشتري هذا المنزل؟ - أنا التي سأشتريه، فإني ما تبت إلى الله ورجعت عن حياتي السابقة إلا لحبي لفرناند ولاعتقادي أنه يحب امرأته الشرعية، فضحيت ما ضحيت في سبيل حبه غير نادمة على شيء. أما الآن وقد نسي حبه لزوجته، فلم أجد بدا من نسيان توبتي؛ لأنه إذا كان يريد أن يحب فتاة مثلك، فأنا أولى بهذا الحب.

فبهتت الفيروزة وقالت: إذن عزمت على أن تعودي إلى حياتك السابقة؟ - هو ذاك، فإن كل فتاة تزج بنفسها إلى هاوية الغواية فقد قدر عليها أن لا تخرج منها إلا إلى حين، كما يخرج الغواص رأسه من الماء ليتنفس الهواء. وأنت فإنك قد تصبحين شريفة طاهرة ما زال فرناند يحبك وما دمت تهوينه، غير أن هذا الحب لا يلبث أن يزول حتى تعودي إلى حياتك السابقة، ولقبك القديم وهو الفيروزة كما عدت أنا إلى لقبي وهو باكارا.

ولما وصلت إلى هذا الحد من الحديث، وقفت المركبة عند باب المسجل، فدخلتا إليه وبعد أن كتب لهما عقد البيع عادتا إلى المنزل، فأمرت باكارا الفيروزة أن تكتب للفيكونت أنها مرسلة إليه أمواله وثمن المنزل، ففعلت، وأخذت باكارا كتابها ووضعته ضمن غلاف ووضعت في طيه ثمن البيت أوراقا مالية، ثم ختمته وأمرت الخادم أن يحمله في الحال إلى الفيكونت، وبعد ذلك نظرت إلى الفيروزة وقالت لها: هو ذا المنزل قد عاد إلي بجميع أثاثه، فهل لك حاجة فيه بعد؟ - أريد أن أكتب لفرناند. - كلا، إني أريد أن يأتي إلى هذا المنزل فيراني فيه بدلا منك. - إني أقبل بذلك بشرط أن تخبريه أين أقيم. - أقسم لك أني أخبره، اطمئني.

وعند ذلك دخل الخادم وهو يقول: هو ذا الحمال الذي أمرتني بإحضاره. - ليدخل.

دخل الحمال وأمرته الفيروزة أن يحمل صندوق أمتعتها، ثم ودعت باكارا وداع الفائز المنتصر وانصرفت، فاستوقفتها باكارا وهي خارجة وقالت: أصغي إلي واسمعي مني هذه الكلمة الأخيرة، وهي أنك إذا عبثت بفرناند وسلبته درهما واحدا، فإني لا أعفو عنك بل إني أبحث عن خنجر خبأته وأغمده في صدرك.

فخرجت الفيروزة دون أن تجيب بحرف على هذا الإنذار، ولحقت بالحمال، فلما أدركته خارج الباب قال لها: الحق إنها قوية فقد كادت تخنقك بيديها. - كيف علمت هذا؟ - ذلك لأني حضرت المعركة، وكنت مختبئا في الغرفة المجاورة سمعت ورأيت كل شيء، وأنا الذي لبست ثياب السائق وذهبت بك إلى منزلها ثم إلى المسجل.

فعلمت الفيروزة من صوته أنه أندريا وانذهلت لإقدامه الغريب، فقال لها: إن هذه المرأة شؤم علي، وفي وسعها أن تلقي بي إلى الحضيض إذا علمت بأني أنا الذي أدبر هذه المكيدة، وهي قالت لك أنها تغمد خنجرها في صدرك إذا سلبت فرناند، أما أنا فأقول لك أني أشويك على النار الحامية إذا خطرت لك خيانتي.

وبينما هما يذهبان كانت باكارا جاثية تصلي، وقد أنهت صلاتها بقولها: رباه عفوك، إني لم أعد إلى حياتي السابقة إلا لكي أنقذ فرناند، بل أنقذهم جميعا.

24

ولنعد الآن إلى روكامبول، فإنه بعد أن ترك فرناند والفيروزة على ما تقدم برح الشانزاليزه وذهب إلى معلم السيف ليدرس عليه الأمثولة التي أمره أندريا بتعلمها، وبعد ذلك ذهب إلى منزل الهندية يحمل إليها كتاب أندريا، فلما قابلها دفع الكتاب إليها، نظرت إلى عنوانه أنه من السير فيليام، اتقدت عيناها وفضت الغلاف فقرأت الكتاب مسرعة كأنها تريد أن تلتهم سطوره.

ناپیژندل شوی مخ