فتلجلج لسانه من الفرح قائلا: وأية ساعة أبرك عندي من ساعة أكون فيها بقربك؟!
ثم صعد فجلس بجانبها وأمر السائق أن يسير إلى منزلها، فقالت: إني أرى المنزل قريبا في هذه الليلة، فلنذهب إلى الشانزليزه.
فأخذ الدوق يدها وقبلها قائلا: إن إشارتك أمر لا مرد منه.
وسارت المركبة الهوينا والعاشقان واجمان إلى أن افتتحت الأرملة الحديث فقالت: إني أغتنم فرصة هذه الخلوة كي أخبرك بأمر قد تدهش له لعدم توقعك إياه، ذلك لأني سأسافر سفرا قد يطول إلى عدة أعوام.
فأجفل الدوق وجمد الدم في عروقه فلم ينبس ببنت شفة، فعادت الأرملة إلى تتمة حديثها فقالت: وسأسافر صباح غد.
وعند ذلك حلت عقدة لسان الدوق، فسألها بلهجة المأخوذ: أحقيقة ما تقولين، ولماذا تسافرين؟ وإلى أين؟ - إني أسافر لأسباب أعلمها، ولا أستطيع التصريح بها. - إذن تريدين قتلي!
وقد تبينت الأرملة لهجة الصدق من قوله؛ فأيقنت أنه قد جن في هواها فقالت: كيف أريد قتلك، ألعلك جننت؟ - إذا لم أكن قد جننت، فإني على وشك الجنون، فبالله أيتها الحبيبة قولي لي الحقيقة وكفاك مزاحا. - لم أكذبك يا سيدي الدوق؛ فإني مسافرة في صباح الغد.
فأجاب بلهجة القانط: ولماذا تسافرين؟ - كي ينساني الناس في باريس. - كيف ذلك وممن تطلبين أن ينساك؟
فأجابته ببرود: إني أطلب ذلك منك قبل كل الناس.
فزاد ذهول الشيخ الدوق ولم يرد جوابا، أما الأرملة فإنها عادت إلى حديثها، وما زالت تستطرد من حديث إلى آخر، حتى ذكرته بما وعده إياها بالزواج، وكيف أنها باتت من أتعس النساء لاعتمادها على هذه الوعود.
ناپیژندل شوی مخ