161

============================================================

الطبيعة بالاحتساب عملا وعلما الي موازاة الانبعاث الاول ، فانبعث انبعايا ثانيا فصار بذلك مجمعا لصور العالمين علي كثرتها ، وقد تنقش ذاته بصور الموجودات كلها علي ما عليه حال النطقاء والاوصياء والائمة صلوات الله عليهم ، والعقل الاول فهو اجل من ان يكون تكثره هذا التكملر، اذ وجوده ابداعي ، والوجود الابداعي تكثره محسب ما عقل من ذاته بأنه علة ومعلول ، وان وجوده عما ناله فيه مما هو خارج عنه فقط ، وباقي الموجودات اعني العقول المنبعثة انبعائا اولا ، تكثرها حسب ما قلته من ذواتها وما تقدم عليها وجوده الي العقل الاول ، وان وجودها مع ذلك عما تألهت فيه ، مما هو خارج عنها فالمتأخر ي الوجود تكثره لا كتكثر السابق في الوجود ، وحاجته الي التكثر لعقل الموجودات كلها لازمة لزوما ، وما ينفك منه الاول في الوجود بتمامية ، فاذا كان ذلك كذلك فقد اتضح ان الذي يكون مجمعا لصور العالمين ليس هو العقل الأول ببل العقول المنبعثة من دار الطبيعة انبعاثا انيا.

ثم نقول : وانما صار العقل الاول لا يلزمه عقل ما دونه ، ولا تصور لان كونه فيما عليه ذاته من الازل ، والتامية ، والبفاء ، والوحدة، والامتناع ، بل لاجل ما عنه وجد ، واذا كان كونه ازليا قاما باقيا واحدا احدا ممتنعا من الاستحالة لا لاجل ما عنه وجد تعالي، فحال ان يعقل من دونه ، اذ لا حاجة به الي ذلك .

وكذلك نقول : ان المتأخر في الوجود من الانبعاث الثاني انما صار يلزمه ان يعقل ما تقدم عليه في الوجود فيكون مجمعا للصور ، لأن التمامية التي فيها بقفائه بكتسبها بعقله اياه اعني علي ما تقدم عليه وجوده ، ولما كان محتاجا في تماميته الي عقله الذي سبق عليه وجوده من الحدود الذين

مخ ۱۶۱