253

وهي أول منزلة من سلوك.

ثم ظعنا منه صبيحة ومررنا بمخاصب وأماكن كأننا ما رأيناها قط وبعد ذلك اليوم اختلف الناس هل الخبير حصل له تيه أم لا وعند اليوم الرابع ظهر لنا أنه قد تاه بنا غير أن تيهانه ليس بعيدا غايته انه مال بنا إلى جهة الصحراء إذ التوغل فيها يخرج عن سنن الاعتدال في الطريق بل المقصود المسير نحو جهة البحر ومحاذاته أياه غير أن اليوم الخامس صبيحته وقع التنادي في الركب والتباريح على أن الركب قد حصل له التيه وافترق جميعنا في طلب من يعرف الطريق ليرد الجميع إلى المقصود فلما افترقنا ساعة وإذا بأثار البغال من مسير الأركاب الماضية رأيناها فحصل اللطف واستبشروا بوجود الطريق وحصوله في أقرب مدة لما علمت أن وفد الله لا يخيب ولا ينعكس لإسباغ الله نعم الطافه عليه ووجود منته به فحصل لنا السرور بالإشراف على المفازة بالتوجه نحو قرب التميمي.

وفي اليوم السادس مررنا على قرية معلومة فقد قيل أنها آخر عمارة برقة وهي حديثة العهد بالخراب لأن أشجارها قائمة على أصولها لا سيما الزيتون وفيها آبار لا ماء فيها وأثار بنيانها ظاهرة وأسوارها متطاولة وأزقتها مشهورة وفي أسفلها واد كبير يجري السيل إليه ومنه ساقية تتصل بتلك القرية عظيمة عند وجود الأمطار فليس شربهم ولا استقاؤهم إلا من ماء الأمطار المجتمعة فيها ثم إن الحجاج تسابقوا إلى ذلك الوادي فوجدوا فيه غديرا صغيرا لا يبقي دوابهم فازدحموا عليه وخوضوه إلى أن صار طينا فلم يوف أحد مقصوده منه وبعد ذلك بمرحلة تفضل الله على الحجاج فوجدوا ماء مستبحرا في مواضع عديدة يكفي أركاب الدنيا كلها سقيا واستقاء ورفعا فأغناهم الله عن النظر إلى التميمي.

وفي ذلك اليوم ولدت بعض النساء طفلا وتأخرنا في جماعة انتظارا لها على أن

مخ ۲۷۶