207

============================================================

وكذلك الفضة : إنما تكون خالصة إذا خلصت، فميز الخبيث منها ، وكذلك الحنطة إذ ميز الزوان منها.

وقد يمكن ان يعترض من الشيطان أيضا، لو ترك العمل خوف الرياء في الترك، فلا ينجيه منه شيء وإن دخل تحت الأرض، مع ما حرم بترك العمل لا وذلك أنه لو تكلم بخير فعرض له : أن اسكت لئلا تكون مرائيا، فسكت، لقال : الآن يقولون: إنما سكت لطلب الاخلاص ففر فإن فر عرض له ، أيضأ بأن يقولوا : إنما فر كراهة الرياء والشهوة، فلو دخل سربا في الأرض ألزم قلبه حلاوة الفرار والخلوة فيه ، فعلمه بما يلزم قلوبهم من التعظيم لمن أراد الإخلاص وفر طلبا له ، فلا ينجيه من ذلك إلا المعرفة والكراهة والاباء له.

الفرق بين الدعوى والحقيقة: وبين الدعوى للباطل والدعوى على حقيقة فرق ، إذا دعاك داع من قلبك : أبك مرائي فنظرت.

فإذا أنت من قبل عقلك وعلمك كاره أبي راد، وإن كان العدو مع ذلك خطر، وطبع النفس ينازع، عرفت انها دعوى باطل من عدوك ، ليصدك عما أنت فيه، أو عما عرض لك من البر والطاعة، قبل الدخول فيه.

فان خطر خاطر آخر بذلك، فرجعت إلى نفسك، فوجدت قلبا جمعا على ذلك، متمنيا لحمد المخلوقين، ولا راد من عقلك هوى نفسك، علمت أن ذلك تنبيه من الله عز وجل لك لما اعتقدت من الرياء، فندمت واستغفرت.

فان قويت على الإخلاص لله عز وجل ، عقوبة النفس بلزوم ذلك العمل لله عز وجل، بنية قوية عن غير أغلوطة: تبين لك ذلك بإجماع القلب أن لو لم يعلموا بذلك لفعلته حياء من الله عز وجل، إذ سخت نفسك للمخلوقين بالطاعة لحمدهم، وأعرضت عن إرادة الله عز وجل ، فإن وجدت من نفسك هذه القوة بعد الندم

مخ ۲۰۶