وَقَالَ ابن عَبْد البر: «كُلّ مَا يروى في هَذَا الباب فمضطرب مختلف فِيهِ» (١) . إلا أن بَعْض العُلَمَاء حاولوا أن يوفقوا بَيْنَ الحَدِيْث الأول والثَّانِي باعتبار التقدم والتأخر، وباعتبار أن الأول من فعلهم دُوْنَ النَّبيّ ﷺ. قَالَ الأثرم: «إِنَّمَا حكى فِيهِ فعلهم دُوْنَ النَّبيّ ﷺ كَمَا حكى في الآخر أَنَّهُ أجنب؛ فعلّمه عَلَيْهِ الصَّلاَة والسلام» (٢) .
وَقَالَ ابن حبان: «كَانَ هَذَا حَيث نزل آية التيمم قَبْلَ تعليم النَّبيّ ﷺ عمارًا كَيْفِيَّة التيمم ثُمَّ علمه ضربة وَاحِدَة للوجه والكفين لما سأل عمارٌ النبيَّ ﷺ عن التيمم» (٣) .
وذهب الحنفية إلى ترجيح روايته إلى المرفقين لحديثين أحدهما حَدِيث أبي أمامة الباهلي وحَدِيث الأسلع (٤) .
وَقَالَ البَغَوِيّ: «وما روي عن عَمَّار أَنَّهُ قَالَ: تيممنا إلى المناكب، فَهُوَ حكاية فعله، لَمْ ينقله عن رَسُوْل الله ﷺ كَمَا حكى عن نَفْسه التمعك في حالة الجنابة، فلما سأل النَّبيّ ﷺ وأمره بالوجه والكفين انتهى إليه، وأعرض عن فعله» (٥) .
قُلْتُ: وما ذكر من توجيه عَلَى هَذَا النحو يشكل عَلَيْهِ أَنَّهُ ورد في الحَدِيْث
الأول: «فقام المسلمون مَعَ رَسُوْل الله فضربوا بأيديهم ...» .
(١) التمهيد ١٩/٢٨٧. (٢) نصب الراية ١/١٥٦ (٣) الإحسان عقب حَدِيث (١٣٠٧) وط الرسالة (١٣١٠) . (٤) المبسوط ١/١٠٧. (٥) شرح السُّنَّة ٢/١١٤ عقب (٣٠٩) .
1 / 108