وصار يقدم جماعة خلف جماعة، ويداري في الظاهر، ولا يجسر إلا على إظهار التبعية، والتسمي بالأتابكيتة. هذا والسلطان والأمير فارس الدين أقطاي يشد ان منه غاية الشدة، ويرد ان أعظم رد ؛ ويمنعانه من كل متعرض، ويحميانه من كل متغرض ؛ ويردعان عنه كل صائل، ويجاوبان عنه كل قائل ؛ وهما سيلفاه إذا صال، وجناحاه إذا جال، ويداه إذا قارعة العيدي، ومثبتاه إذا خار من الدي ؛ وهو يضمر لهما ولحوشداشيتهما الغدر في قلبه، ولا يخفى ذلك على السلطان ؛ وأخذ في تحذير الأمير فارس الدين وتخويفه ؛ وكان الأمير فارس الدين يدل بشجاعته وبكر مه وإحسانه إلى الناس، ومحبتهم له. فلما كان يوم الأحد طلب الأمير فارس الدين فحضر، وحضر السلطان الملك الظاهر إلى القلعة، وكان الملك المعزة قد قرر مع الأمير سيف الدين قطز، مملوكه، وجماعة من مماليكه وأمرائه، قتل فارس الدين ؛ فلما حضر السلطان" معه لم يجسر أحد عليه، وعلموا أنه لا قبل لهم به، وأن يقظته لا تجوز عليها المكائد، ولا تنصب عليها حبال المصائد ؛ فلم يبق لأحد منهم يد يقبضها على سيف، ولا عقل يدري به أين ولا كيف ؛ فقدوا ساعة، فركب السلطان الظاهر والأمير فارس الدين ونزلا ؛ فاجتمع السلطان بالأمير فارس الدين وحذره، واجتمع الملك المعز بمماليكه، وتوعدهم وجزاهم ؛ ثم سيتر خلف الأمير فارس الدين يطلبه لهم قد اتفق، ورأي يستشيره فيه ؛ فحسب السلطان الحساب، وخوفه، فأبى إلا الرجوع، ولكل أجل كتاب . وعاد إلى القلعة، وتم السلطان على حاله محترزا على نفسه، فلم يكن أكثر مما دخل الأمير فارس الدين إلى قاعة العمد بالقلعة، وقام منها إلى قاعة أخرى وإذا بالأمير سيف الدين قطز قد ضربه بالسيف وهو غافل، وأعانه بقية الجماعة، وقتلوه غدرة في دهلييز ضيق، وكتم الأمر
مخ ۵۳