واتفق حضور الملك المعظم وجلوسه في دست المملكة، وخدمه مماليك والده كلهم أتم خدمة، وبذلوا له ما يستحقه مثله من أولياء النعمة ؛ اعتقادا منهم أن ذلك فيه يفيد، أو أنه يأتي برأي سديد، وفعل رشيد ؛ فشرع في تقديم من معه من الأطراف والسفل، وأخذ أمره في استعجال قاده إلى الوهل ؛ فصار يتوعد مماليك والده، الذين رباهم كأولاده، بقطع الأخباز، ونهب الأموال ؛ وكتبت مناشير ا كثيرة ما سمي فيها اسم أحد، إلا خليت مواضع الأسماء ليجعل مكان كل واحد من أمراء والده واحدة من غلمانه الأطراف الأوباش ؛ وصار يقدم قومة الاخلاق" لهم، ومن جملتهم عبد أسود، نوبي الجنس، جعله أمير جانداره ، وأقطعه الإقطاعات العظيمة، وأفاده النعم الجسيمة ؛ وغيره من العبيد الخدام، الذين هم كالأنعام ؛ ولم يرع لأمراء والده ومماليكه فضل التربية، ولا حقوق" الخدمة، ولا ما قاسوه معه في بلاد الشرق، وصبروا عليه من ملازمة الفاقة، ومداومة التعب، ولا كونهم حموا رأسه عند وصوله إلى مصر من الأعداء، ولا كونهم كسروا الفرنج في نوبة غة، وفتحوا له دمشق وطبرية، وعسقلان.
مخ ۴۹