قال أفلاطون: وإن كنت ممن قد خرج من حد البهيمية، فإنك تستغنى بما كشفته فى الأعضاء عن الإخبار بغير ذلك.
قال أحمد: يقول إنى قد بينت فى الأعضاء أن ما يختار لهذا العمل لأى سبب يختار، وما العلة التى أوجبت اعتماد بعضها دون بعض، ونحكم أنه من كان له أدنى رأى وفطنة استدل بما مثله فى الأعضاء بغيرها من الأجسام واستغنى عن تجريد الكلام فيه.
قال أفلاطون: وهذان الجسدان مما يشاكل المطلوب، إلا أنك تحتاج أن تتعنى فى التحليل واللطافة.
قال أحمد: إذا كان المطلوب الذهب والفضة واستعمالهما للتشاكل خليق لأنهما جاسيان ويحتاج فيهما إلى تدبير طويل بلطف.
قال أفلاطون: وأول الدرج من تدبيرهما أن يصيرا زئبقا.
قال أحمد: إن الزئبق حدث فيه نوع من التحليل بكون الذهب والفضة فى أول ما يدبر بهذا العمل قائم كهيئة أعنى سيلانه، لأنى أقول إن الزئبق لطيف لأن طبعه الغريزى رطب، وهو مما قد أكثرت القول فيه. فالذهب والفضة إذا دبرا فإنهما يكونان ظاهرى السيلان باطنى الغزارة واللطف.
قال أفلاطون: والذهب خاصة قد حوى الجزء القوى من المطلوب الشمسى.
قال أحمد: إن الآراء مجتمعة أن الذهب من جوهر الشمس، وأن الفضة من جوهر القمر، وقد تقدم كلامى فيما يجانس الشمس حين تكلمت فى الدماغ.
قال أفلاطون: والأجساد الباقية فما معنى استعمالها، وأنت مقتدر على ما هو أشد تساويا؟! — إلى أن قال: فإن اضطررت إلى استعمالها فإنك محتاج أولا إلى أن تردها مشاكلة للجسدين.
مخ ۱۴۴