قال أفلاطون: والعظم شديد التركيب، يدخل عليك العناء الشديد فى تحليله — إلى أن قال: هو فى البرانى أنجع.
قال أحمد: يقول إن العظام شديدة التركيب لا تنحل إلا بعد الجهد وعناء النفس. وقوله: «إنه فى عمل البرانى أنجع»: فإن من الأعمال البرانية ما يكون العمل بالتكليس والتفريق باليبس دون الحيل أعظم.
قال أفلاطون: والنبات فلو أحسنت استعماله لكان مما يسرع.
قال أحمد: غرضه فى هذا القول أن النبات هو أقرب إلى البسيط مما تقدم ذكره من الأعضاء. ويقول إنه لا يبلغ من لطف تدبيرنا أن ندبر ذلك، إذ هو لطيف عسر الضبط. وإنى قائل قولا أنت محتاج إلى تفهمه والعمل به فأنصت له: إن استحالة الأشياء على ثلاثة أنوع: استحالة إلى فوق، واستحالة إلى الوسط، واستحالة إلى أسفل. فاستحالة الفوق أن يستحيل الشىء إلى ما هو ألطف منه وأقرب إلى البسيط، واستحالة الوسط أن يستحيل الشىء إلى ما يوازيه فى اللطافة والكثافة، واستحالة السفل أن يستحيل الشىء إلى ما هو أكثف منه وأجسى. فتحتاج أن تدبر ذلك وتقف على كل شىء مما استحال وإلى ما يستحيل إليه، وكيف يضبط قواه فى أوان الاستحالة ليكون الكاشف لك عن غلق من العلم.
قال أفلاطون: والاستحالات يمكن الاستدلال منها على الطبائع.
قال أحمد: يقول إن الطبع إذا استحال منه ضده فإنه يتهيأ أن يعلم هل استحالته إلى العلو أو إلى السفل ثم نتبين فنقول: استحالة الرطب إلى اليابس استحالة فوق، واستحالة اليابس إلى الرطب استحالة أسفل، واستحالة الحر إلى البرد استحالة وسط.
قال أفلاطون: ويتجاوز الكلام إلى المجانسة وإن كانت كثيفة.
قال أحمد: يقول إنى أتجاوز الكلام إلى مجانس المطلوب به الأجسام، وخاصة الذهب والفضة، ونحكم بكثافتهما.
مخ ۱۴۳