أما المجتهد الآخر والعامي الذي لا يعتقده، فلا، لعدم ظهور اجتهاده عنده، واعتقاده فسقه (1)، أو غير ذلك، ولم يقل أحد بكونه حجة على المجتهد الآخر وعلى ذلك العامي، بل لم يجوزه عاقل.
وما ذكرت لو تم يقتضي حجيته مطلقا، إذ لا معنى لأن يكون القول حقا وصوابا ولا يكون حجة، فكما أن الصوابية والحقية تنافيان الخروج عن الحجية في وقت من الأوقات، فكذا تنافيان الخروج عن الحجية بالنسبة إلى شخص من الأشخاص، إذ الحق حق والصواب صواب، فتأمل .
وخامسا: إن العامي من أين يعرف أن قول المجتهد مأخوذ من الأدلة الشرعية وقول مجتهد آخر غير مأخوذ من الأدلة، حتى يأخذ بالأول دائما ولا يأخذ بالآخر دائما؟!
وأما المجتهد، فليس قول المجتهد حجة عليه أصلا، مع أنه إذا عرف الموافقة للدليل عرف الدليل قطعا، فلا وجه للاحتجاج بقول الفقيه حينئذ، مع أنك قد عرفت أن قول الفقيه في نفسه ليس بحجة، لأنه غير معصوم، ومجرد الموافقة للدليل لا يجعله دليلا آخر، بل هو غير حجة - وافق الحجة أو لا - فلو كان هذا سببا للحجية يكون [قول] العامي والفاسق والكافر وغيرهم مما أشرنا حجة أيضا، مع أنه في الحقيقة اجتهاد منه لا تقليد منه للميت.
فإن قلت: يجوز للعامي أن يستفصل حال مجتهد من مجتهد آخر.
قلت: مع أنه حينئذ يكون مقلدا للمجتهد الآخر - لا الأول - من أين يعرف أن المجتهد الآخر ما أخطأ؟ سيما وأن يكون الأول أشهر وأعرف منه، وأما
مخ ۲۰