الله عنه، وعلى الشام: أبو عبيدة بن الجراح رضى الله عنه، ثم يزيد بن أبى سفيان رضى الله عنهما، وعلى الجزيرة: عياض بن غنم «١» رضى الله عنه، وعلى مصر: عمرو بن العاص رضى الله عنه.
فانظر كيف لم يكن في عمال أبى بكر وعمر رضى الله عنهما أحد من بنى هاشم، فهذا وشبهه هو الذى حدّ أنياب بنى أمية وفتح أبوابهم، وأنزع كأسهم، وقتل أمراءهم، حتى لقد وقف أبو سفيان بن حرب على قبر حمزة رضى الله عنه فقال: رحمك الله أبا عمارة، لقد قاتلتنا على مرّ صار إلينا.
وروى أن الأمر لما أفضى إلى عثمان بن عفان رضى الله عنه أتى أبو سفيان قبر حمزة رضى الله عنه فوكزه برجله ثم قال: يا حمزة، إن الأمر الذى كنت تقاتلنا عليه بالأمس قد ملكناه اليوم وكنا أحق به منهم «٢» .
قال مؤلفه: وما هى إلا الدنيا، وإن الدين لعارض فيها والعاجلة محبوبة، وبهذا ارتفعت رؤوس وضعفت نفوس، فإن دلائل الأمور تسبق وتباشير الخير تعرف ولله في خلقه قضاء يمضيه ويأبى الله أن يتم شىء من أمر الدنيا إلا ويعتريه النقص.
[فصل: في اختصاص بني هاشم بالدعوة والنبوة والكتاب على سائرهم من بين قريش]
(فصل:) لما كانت بنو هاشم من بين قريش كلها قد اختصها الله سبحانه بهذا الأمر- أعنى: الدعوة إلى الله تعالى والنبوّة والكتاب، فحازت بذلك الشرف الباقى، وكانت أحوال الدنيا من الخلافة والملك ونحوه زائلة؛ لهذا زواها الله عنهم تنبيها على شرفهم وعلّو مقدارهم، فإن ذلك هو خيره الله لنبيه محمد ﷺ، كما قد ثبت أنه ﷺ لما خيّر اختار أن يكون نبيا عبدا ولم يختر أن يكون نبيا ملكا «٣»،
1 / 57