شيء .
44 - مسألة الإمكان : نقول قولا لابد للكندي وأهل مذهبه وأشباههم من القول به ضرورة ، نقول : إن الفاعل الأول فعل فعلا كان ممكنا أن يكون قبل كونه ، فليس يقدر أن ينكر الإمكان لله تعالى في ذلك أحد ، لأن الإمكان واجب قبل الفعل لا محالة ، فلإمكان الذي ظهر ضرورة بين الفاعل والفعل هو البون الأكبر بين البون بين الفاعل والمفعول ، ثم بينه بون آخر دونه في القدر والعظم هو تحته حاجز أيضا للمفعول أن يضاف إلى البون الأعلى ، فضلا عن الفاعل الأول ، جل وعز ، وهذا البون الثاني هو الانفعال الخارج من جهة البون الأعلى الذي هو الإمكان ، ولا يجوز أن يكون الإمكان هو الانفعال ، كما لا يجوز أن يكون الانفعال هو المفعول التام المقدر المفروغ منه ، لأن الانفعال عن إمكان يكون ضرورة ، والمفعول القائم عن انفعال يكون ضرورة أيضا متتابعا . هكذا كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبر بجميع ذلك لمن لقنه ، والحمد لله ، وليس لأحد من الملحدين عن هذا بحجة العقل مخرج أبدا ولا محيص .
45 - تفسير الإمكان : فقل الآن للمتشاغل عن نور النبوة التي أبانت الألفاظ مع المعاني بوحي الله تعالى ونوره : فلإمكان هي الإرادة ، هي الملك ، هي العرش ، وهو الغاية القصوى والنهاية العظمى والفصل الأكبر ، وهو الحق المحيط بالكل ، وهو الأمر الأعلى ، والنور الأعظم ، والحجاب الأرفع المضروب بين الخالق وخلقه ، ثم دونه إلى الخلق حجاب آخر ، وهو مكان الانفعال ، وهو المثال الكائن [ 99 و ] من بعد الأمر الأول الجامع لأقدار المكونات كلها ، قدر كل ما يكون ، وزمام ما قد كان ؛ وهو العلم والكرسي القائم تحت عرش الرحمن ، فسبحان رب العالمين رب العرش العظيم .
46 - فقل الآن على ترجمة ما قالت حكماء الفترة ( 1 ) ولم يفصحوا بالتسمية إذ عدموا نور النبوة : الإمكان هي الإرادة الجامعة لكل مراد من المنفعل والمفعول ،
مخ ۳۷۸