مثال ذلك: قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع}، فتحريم البيع مغيا بقضاء الجمعة، فلا يقال: إن قوله تعالى: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله} ناسخ للأول، بل هو مبين لغاية التحريم.
وكذا قوله تعالى: {وحرم عليكم صيد البر مادمتم حرما}، فلا يقال: إنه منسوخ بقوله تعالى: {وإذا حللتم فاصطادوا}، لأن التحريم لأجل الإحرام، وقد زال.
وقولنا: (مع تراخيه) فصل رابع يخرج به ما كان متصلا بالخطاب من
صفة أو شرط أو استثناء، فإن ذلك تخصيص كما تقدم، وليس ذلك نسخا.
[أنواع النسخ]
(ويجوز نسخ الرسم وبقاء الحكم) أي يجوز نسخ رسم الآية في المصحف وتلاوتها على أنه قرآن، مع بقاء حكمها والتكليف به، نحو: آية الرجم وهي: {الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة}، قال عمر رضي الله عنه: إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم، وذكرها، ثم قال: فإنا قد قرأناها، رواه مالك في الموطأ (¬1)، قال مالك: الشيخ والشيخة الثيب والثيبة.
ورواه غير مالك بلفظ {الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالا من الله والله عزيز حكيم}، وأصل الحديث متفق عليه من غير ذكره لفظها.
والمراد بالثيب المحصن وضده البكر، والله أعلم.
(و) يجوز (نسخ الحكم وبقاء الرسم) نحو قوله تعالى {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج} نسخت بالآية التي قبلها، أعني قوله تعالى: {يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا}، وهو كثير.
(و) يجوز (نسخ الحكم والرسم معا) نحو حديث مسلم: {كان فيما أنزل عشر رضعات معلومات، فنسخن بخمس معلومات} (¬2)، أي ثم نسخت تلاوة ذلك وبقى حكمه كآية الشيخ والشيخة، قاله الشافعي وغيره.
مخ ۴۱