ولولا أنه مثل في هذه الصناعة الكريمة الشريفة لم يسقط الغيرة عن جواريه ويعنى بأخبار الرقباء، ويأخذ أجرة المبيت ويتنادم قبل العشاء، ويعرض عن الغمزة، ويغفر القبلة، ويتغافل عن الإشارة، ويتعامى عن المكاتبة، ويتناسى الجارية يوم الزيارة، ولا يعاتبها على المبيت، ولا يفض ختام سرها، ولا يسألها عن خبرها في ليلها، ولا يعبأ بأن تقفل الأبواب، ويشدد الحجاب، ويعد لكل مربوط عدة على حدة، ويعرف ما يصلح لكل واحد منهم، كما يميز التاجر أصناف تجارته فيسعرها على مقاديرها. ويعرف صاحب الضياع أراضيه لمزارع الخضر والحنطة والشعير. فمن كان ذا جاه من الربطاء اعتمد على جاهه وسأله الحوائج. ومن كان ذا مال ولا جاه له استقرض منه بلا عينة. ومن كان من السلطان بسبب كفيت به عادية الشرط والأعون، وأعلنت في زيارته الطبول والسراني، مثل سلمة الفقاعي، وحمدون الصحنائي، وعلي الفامي، وحجر التور، وفقحة، وابن دجاجة، وحفصويه، وأحمد شعرة، وابن المجوسي، وإبراهيم الغلام.
فأي صناعة في الأرض أشرف منها!.
ولو يعلم هؤلاء المسمون فرق ما بين الحلال والحرام لم ينسبوا إلى الكشخ أهلها؛ لأنه قد يجوز أن تباع الجارية من الملئ فيصيب منها وهو في ذلك ثقة، ثم يرتجعها بأقل مما باعها به فيحصل له الربح، أو تزوج ممن يثق به ويكون قصده للمتعة.
فهل على مزوجة من حرج، وهل يفر أحد من سعة الحلال إلا الحائن الجاهل، وهل قامت الشهادة بزناء قط في الإسلام على هذه الجهة.
مخ ۱۸۰