فما كان أروعه منظرا وما كان أشجاه إخلاصا! •••
وأقبل فونيكس على أخيل يواسيه.
ولكن أخيل ما يرقأ له دمع وما ينقطع له نحيب.
واطلعت أرباب الأولمب فشهدت ما يأخذ البطل من رحضاء الحزن، وبرحاء الأسى، فأشار زيوس إلى مينرفا، فهبت إلى أخيل ترعاه، وتخفف عنه من بلواه. فلما كانت قاب قوسين من ابن بليوس، هالها أن ترى إليه يعصف به الحزن ويوهنه الجزع، والجند مع ذاك قد بوئوا مواقف للقتال، فما هي إلا أن أمرت فونيكس بأن يصب الخمر المعتقة على صدر صديقه لينقذه من ضيقه وليخفف عنه من وطأة الجوع. ويصدع فونيكس؛ فيتقدم إلى أخيل كاشفا عن صدره، ويصب السلافة الأولمبية فيشربها الجسم الضاوي، ويسترجع بها ما فقد من قوة، وما يفتأ فونيكس يصب الخمر، وما يفتأ أخيل ينظر إليه مشدوها، حتى يكون في كل قوته من أثر المدامة، فيصيح صيحة الحرب التي تهتز لها أبراج طروادة!
فانظر إليه مقنعا في حديد فلكان، وانظر إليه تحت تلك الخوذة التي لم تصنع مثلها يد الإله الحداد، وانظر إليه يداعب حربة شيرون أستاذه السنتور العظيم، ثم انظر إليه كالبركان المضطرب يقذف النار من عينيه المغضبتين ومن حوله الميرميدون يملئون الرحب ويسدون الشعاب.
ويل لك يا هكتور!
فزع الآلهة
قلق زيوس من اعتزام أخيل اقتحام الحرب.
وكيف لا يقلق سيد الأولمب وكل من الفريقين يصلي له، ويطلب منه العون، ويتوسل إليه أن يظفره بعدوه، فتنجلي هذه الغاشية التي صرعت الرجال، وضرجت أديم الثرى بدماء الأبطال!
ودعا إليه أربابه فعقد منهم مجلسا للمشورة؛ فانتظم ديوان الأولمب، وحفلت بهم ذروة جبل إيدا، وطفق الإله الأكبر يقلب الرأي على جميع وجوهه، ويبحث المسألة من شتى أطرافها، والأرباب فيما بين ذلك يحملق بعضهم في وجوه بعض، وتضطرم في أفئدتهم نيران العداوة والبغضاء؛ لأنهم كانوا جميعا وقلوبهم شتى! فهذا فريق منهم يعطف على طروادة، ويشيد بذكر طروادة، بل منهم من اشترك في بناء طروادة، وإقام أسوارها وتمكين صياصيها؛ والطرواديون من أجل هذا قد أخلصوا العبادة لهؤلاء فأقاموا لهم الهياكل المشيدة والمعابد المنيفة، وهم في طويل الأحقاب والآباد ما يفترون عن عبادتهم والإخبات لهم، وتقديم القرابين والضحايا بأسمائهم.
ناپیژندل شوی مخ