وفريق آخر من الآلهة يعتبر الشعب الهيلاني شعبه المخلص؛ فهو لذلك يحدب عليه ويرجو الخير له، وهو أبدا يستأذن سيد الأولمب فيحارب في صفوفهم ويشد أزرهم، ثم الهيلانيون يخلصون العبادة لهذا الفريق وهم أبدا يتعلقون بهم ويقيمون المعابد لهم في كل حنية من جبالهم وبكل منعرج من شعابهم، ومنهم كل مثال صناع اليد، مرهف الحس، رفيع الذوق؛ وهم لذلك ملئوا المعابد والهياكل بتماثيل الآلهة حتى ما تقع العين على أجمل منها!
وفريق ثالث لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، ينقم على هذه الحرب الشعواء التي سعرت لغير ما سبب يستأهل كل تلك الضحايا ويستحل كل هذه المهج؛ وهذا الفريق يحنق على طروادة ويحنق على هيلاس على السواء، ويود لو يأذن سيد الأولمب فيزلزل بهما الأرض، أو يرسل عليهما كسفا من السماء، فلا يبقي على أحد منهم أبدا!
واتفق الآلهة على أن يذهب فريق منهم فيكون في صفوف الطرواديين يرشدهم، ويدفع عنه عادية أخيل، ثم يذهب فريق آخر فيكون في صفوف الهيلانيين يفل من نشاطهم، ويكسر من سورتهم حتى تكون الحرب بين الجمعين سجالا؛ وإلى أن يرى الآلهة في شئون خلقهم رأيا آخر.
وانطلقت حيرا مليكة الأولمب ومينرفا ربة الحكمة، ثم هرمز رسول الآلهة وقائد الأرواح إلى هيدز، وفلكان الحداد إله النيران ، الذي فضحه مارس في زوجه، ونبتيون رب البحار العتيد الذي روع الطرواديين في هذه الحرب أيما ترويع.
انطلق هؤلاء فكانوا في صفوف الهيلانيين.
وانطلقت فينوس إلى صفوف الطرواديين، وراح في أثرها أبوللو وأمه لاتونا وديان ومارس وإكسانثوس وفئة غير هؤلاء من عشاق فينوس.
وانبث الآلهة ينفخون في أبواق الحرب.
وصاح أخيل في شياطين الميرميدون صيحة مدوية. زادتها مينرفا قوة فما تركت فؤادا إلا زلزلته، وما غادرت نفسا إلا تركتها تزحف من خوف وفزع.
وكان أبوللو ينظر إلى أخيل فيتميز من الغيظ، ويود لو يبطش به في غدرة من غدراته التي أودت ببيتروكلوس من قبل، ولكنه أحس بفرائصه ترتعد، وفقاره يندك من الرعب لما رأى حول أخيل من هذه الأرباب المتعطشة للدماء، لا سيما هذا الإله الوحش نبتيون الذي كان يرسل من عينيه بركانين من الغضب يضطرمان اضطراما.
وآثر أبوللو أن يستخفي في زي ليكاون بن بريام وصورته، وأن يذهب من فوره إلى إينياس العظيم مستشار طروادة وأبسل شجعانها بعد هكتور، فيثيره على أخيل ويلهب فيه نخوة الجاهلية التي سداها التفاخر بالأنساب، ولحمتها التباهل بالأحساب، والتبجح بأنا ابن من سمك السماء، ودحا الأرض وأنبت فيها من كل زوج بهيج!
ناپیژندل شوی مخ