تساءل أحمد عبد الجواد فيما يشبه الاستنكار: زنوبة؟ - لم لا؟ إنها احتياطي لا بأس به، يرجع إليه عند الضرورة.
ما آلمني كيف تمنعت بنت القديمة؟ ولم؟ - أنت لم تدرك بعد غايتي، الحق أني لا أنوي المجيء غدا.
قال محمد عفت في استغراب: تطلب أن أدعو زبيدة، وتقول إنك لن تجيء غدا. ما هذه الألغاز؟
ضحك أحمد ضحكة عالية يداري بها ارتباكه، ثم لم يجد بدا من أن يقول كاليائس: لا تكن بغلا، سألتك أن تدعو زبيدة وحدها، كي تبقى زنوبة في البيت وحدها. - زنوبة يا ابن أم أحمد؟
ثم وهو يسترسل في الضحك: لم كل هذا التعب؟ لم لم تطلبها أول ليلة في العوامة؟ ولو أشرت إليها بأصبعك لطارت إليك، ولزقت فيك بالغراء.
ابتسم ابتسامة فارغة، رغم شعوره الأليم بالامتعاض، ثم قال: نفذ ما أمرت به، هذا ما أريد.
قال محمد عفت وهو يفتل شاربه: ضعف الطالب والمطلوب.
فقال أحمد عبد الجواد جادا جدا: ليكن هذا سرا بيننا.
9
طرق الباب في ظلام دامس وفي خلاء من المارة، وكانت الساعة تدور في التاسعة. فتح الباب بعد حين دون أن يبدو الفاتح، ثم جاءه صوت ارتج له فؤاده ارتجاجا يتساءل قائلا: «من؟» فقال بهدوء «أنا.» وهو يدخل بغير استئذان، ثم رد الباب وراءه فوجد نفسه قبالتها، وهي واقفة على آخر درجة من السلم مادة ذراعها بالمصباح. حدجته بنظرة داهشة، ثم غمغمت: أنت!
ناپیژندل شوی مخ