فقال لها: «قد حل بي العار والهوان كما تقولين، ولكنني سألقي نفسي على سيوف العدو لعل الدماء تزيل العار والهوان.»
فقالت له: «لا تفعل ذلك ولا تخاطر بنفسك، بل كن حكيما وأسرع من هنا فقد تصطلح الأمور، ولكن اذهب سريعا.»
فقال لها: «ولكنني أطلب منك أولا أن تسامحيني على اغتراري بنفسي الذي حملني على التصديق بأنك تطلبين خدمة مني.»
فقالت: «إني أسامحك، ولكن على أي شيء أسامحك وأنا كنت السبب في مضرتك؟ اذهب سريعا وأنا أسامحك وأعرف قدرك كما أعرف قدر كل فارس شجاع. اذهب ولا تتأخر.»
فقدم لها الخاتم الذي أعطاه إياه القزم وقال لها: «خذي أولا هذا الرهن الذي جلبني إلى هذا المكان.»
فقالت له: «كلا لا آخذه، أبقه معك علامة لاعتباري لك، بل لأسفي عليك، ولكن اذهب سريعا، وإن لم يكن من أجل نفسك فمن أجلي.»
فلما قالت ذلك ورأى اهتمامها بحياته وسلامته قال في نفسه: «هذا يساوي كل ما خسرته من الشرف والكرامة.» فنهض وهم بالانصراف ولكنه التفت إليها قبل أن ينصرف ليتزود منها بنظرة، وكانت تغالب الحياء الخاص ببنات نوعها حتى غلبها الحياء فدخلت من حيث خرجت، وأطفأت المصباح، فقال في نفسه: «يجب أن أطيع أمرها.» فخرج من حيث دخل وهو لا يعي على شيء، وكان عليه أن يدور في الطريق الذي جاء فيه؛ لكي لا يمر على الحراس، وأن يسير متمهلا لكي لا ينتبه إليه أحد ولا يعثر بالأطناب والأوتاد. وفيما هو في هذه الحال سمع صوتا أرجعه إلى عقله ونبه كل قواه؛ وهو نباح كلبه، فإنه سمعه نبح أولا نباحا شديدا، ثم سمعه يعوي عواء الألم، فنفر نفور الظليم وأخذ ينتهب الأرض انتهابا رغما عن ثقل أسلحته وعلو الأكمة، وما زال يعدو حتى صار على قنتها، وكان القمر محتجبا بالغيوم، فلما بلغ قنة الأكمة ظهر بنوره الساطع، وأراه ما طير صوابه؛ أراه العلم مفقودا ورمحه مكسورا والكلب في حالة النزع.
الفصل الرابع عشر
أشفقت من عبء البقاء وعابه
ومللت من أري الزمان وصابه
ناپیژندل شوی مخ