قدیم او حدیث

محمد کرد علی d. 1372 AH
122

قدیم او حدیث

القديم والحديث

ژانرونه

دارنا، فسمعها فقال: بلى، لعمري لأحلبنها لكم، وإني لأرجو ألا يغير بي ما دخلت فيه، فكان يحلب لهم، ثم قال: ما تصلح أمور الناس مع التجارة وما يصلح إلا التفرغ لهم والنظر في شأنهم، فترك التجارة، وقيل: أراده الصحابة على تركها، وأنفق من مال المسلمين ما يصلحه وعياله يوما بيوم، فكان الذي فرضوا له في كل سنة ستة آلاف درهم، وقيل: فرضوا له ما يكفيه، فلما حضرته الوفاة أوصى أن تباع أرض له، ويصرف ثمنها بدلا مما أخذه من مال المسلمين.

ولما فرض عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - العطاء، قال للمسلمين: إني كنت امرأ تاجرا، يغني الله عيالي بتجارتي، وقد شغلتموني بأمركم هذا، فما ترون أنه يحل لي في هذا المال، وعلي ساكت فأكثر القوم فقال: ما تقول يا علي؟ فقال: ما أصلحك وعيالك بالمعروف ليس لك غيره. فأخذ عمر قوته، وإن لنا في غير هذين الإمامين من رجال سلفنا الصالح الأسوة الحسنة في فضيلة الاستقلال وترك الاتكال، ولنا الأسوة في الأمم الحية لعهدنا التي نرى آثارها باهتين شاخصين، فالعبر بين أيدينا ومن ورائنا وعن أيماننا وشمائلنا ولكننا لا نعتبر.

الهجرة

أربعة أحوال تعمل في تكثير سواد الأمم: الهجرة والاستيطان والولادات والوفيات، وبنقيضها تقفر البلاد وتقل الأمم، ومحور الهجرة يدور في الأكثر على تحصيل القوت والفرار من ظلم، خصوصا أيام كانت المجاعات في القرون الأولى والوسطى من أكبر العوامل المهددة للشعوب، وكانت تغذية الجماعات الكبرى مناطة بمحصول السنة حتى كان تأخر وصول الحبوب المشحونة في البر والبحر يحدث مخاوف هائلة، ويثير مناوشات وثورات، وكانت الفوضى والحروب تجعل المواصلات صعبة أو متعذرة، ويهلك سكان المدن جوعا، وتحتكر المدن الحبوب في أماكن خاصة، وتدخرها لحين الحاجة، أما سكان القرى والأرياف، فكانوا يقاسون الأمرين، ولا يجدون غير الهجرة بابا لنجاتهم بأرواحهم وأرواح ذراريهم، وهذا ما دعا إلى إقفار كثير من الأصقاع في الشرق والغرب؛ لأن من ولد من الأسر المهاجرة لم يواز عدد من فقدتهم البلاد بهجرتهم لها.

1

جاءت أزمان على البشر كان الشرق أو أفريقيا وآسيا أعمر من الغرب، وكانت آسيا تقدم كثيرا من أبنائها؛ ليكونوا جندا في الجيش الروماني، ورومية كانت حاكمة على معظم أصقاع أوروبا وجزء كبير جدا من آسيا وأفريقيا وسلطانها فوق كل سلطان، وما ملوك تلك الأيام إلا أقيال يخضعون لصولجان رومية، وقد كنت ترى أناسا من بلاد الشام في كل مكان كما تراهم الآن، وكان منهم في جيش جرمانيكوس القائد الروماني عدة كتائب عندما حمل حملته على الرين.

قال سكريتان: إن القرون الوسطى بإقطاعها وما كان فيها من اللصوصية والأخلاق الوحشية وقلة المواصلات والحياة الزراعية والصناعية الأهلية، وتنوع اللهجات وحكومة الجماعات

polyarekie

والاشمئزاز من الحياة، والتشتت السياسي الذي هو من خصائص تلك القرون - كل ذلك مما يتمثل لعيني بقلة الرجال وطول إقفار البلاد، فأقفر العالم الروماني، وظل الشعب زمنا على نسق واحد، ثم زاد بإنشاء المدن وتوطيد دعائم المركزية السياسية، التي تسهلت أسبابها بنمو الموارد الاقتصادية والأيدي العاملة التي أنشأتها، ومن المدن تنبعث أبدا حركة تنظيم القوة العامة، فصاحب الأملاك يعيش بما تدر عليه أملاكه على حين تضطر المدن أن تطلب ذلك من التجارة، وأن تضمن حقوقها في البلاد القاصية بتأمين السبل والتجارة.

قال: وما المصانع العظمى التي قامت في القرن الثالث عشر للميلاد، وما تلك البيع والمعابد إلا أثرا من آثار زيادة السكان في أوروبا، وإن الناس أصبحوا يهتمون لأمور أخرى غير حفظ حياتهم مباشرة، والسكان من العوامل الضرورية في التبدلات السياسية، وعندنا أن الشعب هو أرض التاريخ الذي تنبت فيه الأوضاع والأفكار، ولما نمت النفوس منذ القرن الحادي عشر في حمى أسوار المدن والمقاطعات المنظمة ظهرت قوة جديدة أمام الإقطاعات، وانتهى التماسك السياسي بقيام المدنية الحديثة، وأدى نمو السكان نموا عاما بقاعدة الانتخاب الطبيعي، أي الأفضل والأحسن إلى شكل جديد في الحياة وتحسين الأخلاق وتدميثها، وكثرة السكان شرط في قيام المدنيات العليا، وفي تأسيس الأملاك العظمى، وهي التي تزيد حياة البشر حركة وغنى وبهجة.

ناپیژندل شوی مخ