6
المسرج
7
الذي يجوب المهدي به الطرق والسهوب، أفلم تكن هذه آية تدعى بها الشعوب والقبائل الملونة الأخرى إلى تحطيم الأغلال التي يقيدها السادة البيض بها؟
ولم تفكر أوروبة في الانتقام مع ذلك، فعدد الأسارى من الأوروبيين قليل، والأسارى من الأوروبيين نكرات، والحوادث عن الأسارى الأوروبيين غير واضحة، ولو نظرت إلى الأمر من وجهة المصريين، الذين يدير شئونهم بارينغ (اللورد كرومر) منذ عام، لوجدت الصحراء بين كتائبهم وبين الثائرين، وماذا كان أمر أولئك الجنود الذين غلبوا؟ كان سلاحهم سيئا سوء شوقهم وقوتهم الأدبية، وكان أحرار الإنكليز يرون تضييق نطاق الاستعمار فيؤيدون غلادستن الشائب الذي كان لا يبالي بأفريقية، ويقرر ترك السودان واسترداد حامية الخرطوم، وكان القيام بهذا العمل يستلزم وجود ضابط عارف بالبلد متصف بنصيب من الحكمة يستطيع به أن يحارب متقهقرا غير ساع إلى مجد، ولا ينتظر إنكار الذات هذا من صياد الآساد بيكر، ويبحث عمن هو أخبل منه، ويعثر على غوردون.
ولكن غوردون، كهملت،
8
لا يكون مجنونا إلا إذا هبت الريح من الشمال والشمال الغربي، وما كان يعرف ماذا يعمل في الساعة الحرجة، وما كان يعرف هل يعمل بما يؤمر به، وهو لذلك يصلح لحكومة متنافرة ورأي عام متردد، وما كان الجلاء عن السودان ليلوح في برنامج غوردون، وغوردون كان قد صرح ذات حين ب «أن السودان امرأة بانت عن بعلها المصري، فإذا أرادت أن تتزوجه ثانية فدعها تفعل ذلك، ثم يمكن أن يكون لنا شأن معها هنالك.»
وكان قد أسدل على غوردون ستار النسيان منذ عودته من الخرطوم؛ أي منذ خمسة أعوام، وغوردون قضى هذه المدة في الصين والهند والكاب وجزيرة موريس، وغوردون قضى من هذه المدة عاما في الأرض المقدسة (فلسطين) إنماء لقوته الأدبية، وغوردون زار بلده استكلندة مرات كثيرة في أثناء ذلك، وغوردون نال بذلك تجارب باطنية، لا تجارب ظاهرية، كما تشهد بذلك رسائله، وغوردون أوشك أن يعود إلى أفريقية ليخدم الملك ليوبولد البلجي في الكونغو التي أبدى ستانلي غضا في ارتيادها، لا ليخدم إنكلترة.
ويدعى غوردون من بروكسل إلى لندن، ويقلع عن خطته في الذهاب إلى الكونغو، ويقبل وكالة الأمة في أثناء مقابلة. ولم يكن غوردون من القائلين بالجلاء، ومن قول غوردون: «يعني وجود المهدي في الخرطوم رجوعا إلى الهمجية وتهديدا لمصر.» ويعين غوردون - مع ذلك - من قبل وزراء يرتابون منه، ويذعن اللورد كرومر مع اعتقاده أن حاكم الخرطوم السابق ذلك لا يوافق على الجلاء عنها، ويبدو الرأي العام - المسيطر على إنكلترة - بجانب غوردون، ويظل الشائب غلادستن وحده في الظل، ويجيز الأمر برقيا بعد إصرار ثلاثة وزراء على ذلك الأمر المهم، وتكلأ الأمة غوردون برغائبها كما لو كان ذاهبا لفتح بلد، لا للجلاء عن قطر.
ناپیژندل شوی مخ