210

نیل: ژوند يو سيند

النيل: حياة نهر

ژانرونه

وكان صائدو الفيل على ضفاف النيل يجهلون ذلك جهل الفيل له، وكل ما كانوا يبصرونه هو أن العرب والترك يجلبون على جمالهم وفي قواربهم أشياء جميلة من كل نوع فلا يطلبون غير عاج الفيل بدلا منها، ولا يعرف الزنوج حتى الساعة الحاضرة ما هو السبب في كون البيض يفضلون العاج على جلد بقر الماء الذي يصلح لصنع السياط والسروج، أو على قرون الكونغوني التي يسهل نحتها، أو على عصارة بعض النباتات التي تسم بها السهام.

أجل، إن الأبيض يأخذ من الزنوج هذه المواد أيضا، ولكنه لا يكترث لسوى العاج، ومما يروى أن رئيسا دنكاويا كان أبوه قد اطلع على ذلك الهوس فطمر عاجا احتياطيا في ضفة النيل فصار ابنه هذا ينال ما يود من ثمن لذلك عادا نفسه سيد الدنيا .

وكان الزنجي لا يصطاد الفيل إلا نادرا، وكان لا يصطاده إلا إذا خرب حقوله، لا من أجل لحمه ما دام بقر الماء أسهل منالا. وأما العاج فكان يتصدع سريعا ولا يستعمل إلا أوتادا لشد البقر. والفيل - مع ذلك - هو على خلاف الأسد والنمر والتمساح، فلا يهاجم الإنسان ولا الحيوان فيكتفى في بعض الأحيان بطرده من الزرع بالصراخ والنباح. وتقول الأقاصيص الزنجية: إن الفيل ذكي في الغالب، وإنه ليس شريرا.

وظل العاج - زمنا طويلا - لا يتخذ للزينة إلا من قبل بعض الملوك، وولع الرجل الأبيض بالعاج هو الذي جعل الفيل موضوع تجارة مهمة، وذلك منذ قرون في شمال الخرطوم؛ أي منذ وصول «التركي»، وذلك منذ مائة سنة في النيل الأعلى، وما كان يعرض على الزنوج من خرز وبنادق عوضا من العاج فقد أدى إلى الإقبال على صيد الفيل، ويضحي الفيل «عدوا تقليديا» فيوجه جميع الناس أسلحتهم إليه.

ولا يستطيع الإنسان أن يدنو من أقوى الحيوانات وأذكاها إلا بالحيلة والهول. والإنسان ينصب أشراكه بجانب الماء، ويسترها بثلط

6

الأفيال ويجهز على هذا الحيوان العاطل من السلاح بالحراب، ويحيط ألوف الرجال بالسهب ويحرقونه ويتقدمون ويضيقون الدائرة إلى أن يضطرب الفيل الذي أعماه اللهب، ويطارد الفيل مئات الناس ويحملونه على الفرار إلى حيث يرميه بنبالهم زنوج مستخفون في أشجار، وتمزق هذه النبال بدنه حتى يهلك في نهاية الأمر.

والبقارة وحدهم - ويقيمون بالمنطقة الواقعة في جنوب الخرطوم - هم الذين يحاربونه بنبل، ومن هؤلاء النوبيين يخرج اثنان مسلحان برمحين من الخيزران المتين ويعدوان فارسين نحو جماعة الفيول ويعزلان عنها أحسنها عاجا ويثيره أحدهما راكبا حصانه ويثب الآخر إلى الأرض ويطعن بطن الفيل برمحه طعنة نجلاء ويرجع راكضا تاركا لرفيقه إتمام الصراع بالعودة إلى مثل تلك الوسيلة.

وإذا ما خر الفيل البطل صريعا خرج الرجال من مكامنهم ودوت أصوات السرور في السهب ابتهاجا باغتنام عاجين رائعين أبيضين ثقيلين، وستتدحرج تسع كرات على بعد ألوف الأميال من هنالك، وفوق بسط خضر وأمام ستة رجال ذوي قنان.

7

ناپیژندل شوی مخ