نیل: ژوند يو سيند

کاډیل زوکایتر d. 1377 AH
179

نیل: ژوند يو سيند

النيل: حياة نهر

ژانرونه

وتحف حديقة من حول مجراه، ولم تصده يد الإنكليز المبدعة تقريبا ، وتنم طريق السيارات فوق الضفة اليسرى على بلد جديد، ويمر النيل أمام سنغا التي تشابه القلعة، والتي يدل المدفعان أمامها على ما حدث هنالك منذ زمن غير طويل، وتتعاقب القرى مستديرة مسورة شبه متوارية بين خضرة الضفاف، وفي وسط حقول الذرة، وتسود السلم هنا، أو يسود السكون على الأقل هنا، وتعين الحياة بظاهرة جديدة في مجرى النهر التحتاني.

والآن يعاني النيل الأزرق مثل ما عاناه النيل الأبيض في المجرى الفوقاني بالخرطوم، فهو يلهث ويقف ويشعر بأنه يتمطى لعوق حاجز غير منظور جريه، وهو يصدم بغتة سورا حاجزا يبلغ ارتفاعه ثلاثين مترا ويبلغ عرضه ثلاثة كيلومترات تقريبا، وتقفه أيد خفية لأسباب مجهولة، ويمر مزبدا من أبواب حجرية تفتح له وتغلق دونه مناوبة، ويسيطر عليه سد سنار وينظم مجراه، ويا لها من تجربة مريعة! ويغدو الحصان السني طليقا، ولا يعتم أن يشعر بحبل حول عنقه، ثم يأتي مروض فيكرهه على السير بحركات مقيدة في أوقات معينة، وتكون المفاجأة من العظم ما تقف معه السفينة، وليس للسد ترع، وتنتظر باخرة في الناحية الأخرى.

وينضم إلى النيل من الناحية اليمنى رافدان من فورهما وعلى مسافة قصيرة بينهما.

والرهد والدندر أخوان حقيقيان مدى الحياة، ويقع منبع كل منهما على الهضبة الشمالية الغربية من بحيرة طانة، وتغذيهما جداول تعد قسما من شبكة لسيول كثيرة، ويتوجهان إلى الشمال الغربي في بدء الأمر، ثم يبدوان موازيين للنيل الأزرق، ويتساويان طولا وحجما تقريبا، وترى مجرى الرهد أكثر انخفاضا مع ذلك، وهو يجوب أرضا أوفر غرينا، وهو على ما يبدو من ضيقه يزيد على الدندر - الذي هو أعرض منه وأطول - احتواء للغرين، وكلا الرافدين يلاقي النيل في الصيف على حين تبصر رافدا ثالثا واقعا في شمال ذلك يقاسم العطبرة مصيره أحيانا.

ومنبع العطبرة واقع في منطقة بحيرة طانة وبالقرب من ذينك الرافدين، والعطبرة في البداءة سيل جبلي شفاف فوار صوال، ثم تغير الروافد الثلاثة التي تنضم إليه جبلته وتجيئه بمقدار كبير من الغرين يقرر مصيره. وأطول هذه الروافد يأتيه من المنبع البركاني الحار الواقع شرق بحيرة طانة، ويأتيه الرافدان الآخران من أخاديد الغرب العميقة الجبلية التي ينال بها اسم العطبرة العربي الذي يعني «الأسود»! ورافد النيل هذا مع رافدي النيل الآخرين مما يلقي في نفوس أهل البدو حيرة فاجعة.

ويجف نهر العطبرة في شهر يناير، ويصبح بائسا، وتبتلعه الصحراء، ولا يرى على مسافة ثمانين كيلومترا من مصبه غير مجرى من الحصى والوحل. بيد أن العطبرة في أشهر نشاطه وصولته الثلاثة يكون أنفع من الأنهار الأخرى في عام، وهو يلاقي النيل في المجرى التحتاني على بعد ثلاثمائة كيلومتر من التقاء النيل الأبيض والنيل الأزرق.

وسيكون لكلا النيلين أكثر من مغامرة سلفا، ويسهل على النيل الأزرق احتمال كراهة السد، وهو يشعر بأن قسما من مياهه يجري في قنوات غير معروفة، وهو لم يلبث أن يسترد عرضه وعمقه فيجري مسرعا هادئا بين ضفتين ثابتتين، وهو - مع ضعف انحداره في ذلك السهب - لا يكون له ما للنيل الأبيض من سير مكسال، وهو من بعد السد يبصر ويسمع عن شماله القطار الحديدي الذي ينقل القطن.

وهو يرى بعد ذلك أبراج الخرطوم التي أعجب بها أخوه، وهو يضايق ويستوقف بدلا من أن يضايق ويستوقف، وتكون القطاع في المراعي، في الحدائق الواسعة، ليل نهار، وتنذر أسداد خشبية خفيفة بانتهاء بلد البدويين، وتبرز في السهب بعض البيوت المصنوعة من الآجر لتكون طلائع المصر التي يبصر بالقرب منها شجر حديث تحفظه من المعز ألواح وصفائح، وتحدد أوتاد بيض بقاعا لكرة القدم، وتشاهد عرائش مصنوعة من جذوع

1

نخل على شكل أعمدة، وكل شيء يحير البدوي الذي يدنو للمرة الأولى من عاصمة كالنيل الأزرق الذي يمر من غابات في السهب.

ناپیژندل شوی مخ