172

نصراني

النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية

ژانرونه

ومن ثياب اليمن الرّقم والعقل وهما أحمران كانوا يسدلونها على هوادج النساء (المفضليات ص٥٧٨) ومثلهما الغزل اليماني ذكره أبو الفرج في الأغاني (١: ٣٢) . وما دل على أن هذه المنسوجات كانت من صنع النصارى ما ذكره ابن سعد في طبقاته في باب الوفود على وفد نجران وكلّهم من النصارى أن رسول الإسلام صالحهم "على ألف حلّة في رجب وألف في صفر أوقية كل حلة من الأوراق وعلى عارّية ثلثين درعًا وثلثين رمحًا وثلثين بعيرًا وثلثين فرسًا". وقد تكرر في كتب الحديث ذكر الحلل والأنسجة والحرائر النجرانية. وكان العرب قبل الهجرة وفي أوائل الإسلام يقتنون أيضًا ملابسهم عند نصارى منبج وإليها نسبوا الأكسية المنبجانية ويقال الأنبجانية. وقد اشتهرت بين العرب المنسوجات القبطية فإن بعض مدنها كالإسكندرية ودمياط وتنيس والفرما كانت تحتوي على معامل شائعة الذكر قال ياقوت (٢: ٦٠٣): "إن دمياط كان يعمل فيها القصب البلخي من كل فن والثياب البيض الغالية الثمن والفرش القلموني من كل لون المعلّم والمطرز" وإلى القبط نسبت القباطيات وكانت ثيابًا معروفة بالرقة والدقة والبياض. قال الكميت يصف ثورًا: لياحٌ كأنْ بالأتحميّة مسبعٌ ... إزارًا وفي قبطيّةٍ متجلببُ وفي الحديث أن محمدًا كان يجلل بدنه القباطي والأنماط. والنّمط ضرب من الثياب المصبغة. وقد ذكر المقريزي في الخطط (١: ١٨١) أنهم في الإسلام كانوا يأخذون كسوة الكعبة من تنيس وذكر عن الفاكهي أنه رأى لهارون الرشيد كسوة من قباطي تاريخها سنة ١٩٠هـ (٨٦٠م) . وذكر أيضًا الثياب القيسية والثياب الدبيقية المنسوبة إلى دبيق مدينة بين الفرما وتنيس وكانت من أدق الثياب المنسوجة بالذهب. وكان أكثر الحرير يأتي به العرب من بلاد الروم. قال الأخطل (راجع ديوانه ص٣٨٧): بناتُ الروم في سرقِ الحريرر والسّرق واحدته سرقة وهي شقائق الحرير أو أجوده وقال في ذلك: يرفلنْ في سرقِ الفرندِ وقزّه ... يسحبن من هدّابه أذيالا ومن الأنسجة الثمينة التي كان يتزاحم عليها أمراء العرب الدفني من مصنوعات اليمن. قال الأعشى يصف بعض الأعيان (شرح المفضليات ص٥٢٨ ed. Lyall،): يمشون في الدّفني والأبرادِ ومثلها السيراء من برود اليمن الموشاة المخطّطة التي يخالطها الحرير كالسيور كان يحيكها نصارى نجران ودومة الجندل. وفي الحديث أن أكيدر بن عبد الملك النصراني صاحب دومة الجندل أهدى إلى محمد حلة سيراء (التاج ٣: ٢٨٧) . وكذلك عرف أهل مكة الأرجوان من مصنوعات سواحل الشام ورد ذكره في تاريخ اليعقوبي (٢: ٢٣) في وصف زينة نبي الإسلام وفي حديث الخليفة عثمان بن عفان (النهاية لابن الأثير ٢: ٧١) . وقد ورد في صحيح مسلم (٢: ١٥٢) وصحيح الترمذي (١: ٣٣١) وفي أنساب البلاذري (٣٣٢) وغيرها حلل الديباج والثياب المصفرة والحبر المفوفة أي الرقيقة الوشاة والطيالسة التي كان يهديها الوفود من أهل اليمن ومن الرهبان إلى صاحب الشريعة الإسلامية وأكثرها من صنع نصارى اليمن أو الشام. قال ابن الأثير في أسد الغابة في أخبار الصحابة (٢: ٤١١) أن عطارد بن حاجب الذي وفد على نبي الإسلام مع وجوه تميم النصارى وكان سيدًا في قومه أهدى محمدًا ثوب ديباج. وروى المسعودي في مروج الذهب (٤: ١٧٨) أن ملوك اليمن قدموا إلى أبي بكر وعليهم الحلل والحبر وبرود الوشي. وذكر أيضًا (١: ٢٢١) الساج والطيلسان فيما فرضه خالد بن الوليد على النصارى العباديين وزعيمهم عبد المسيح بن بقيلة من أهل الحيرة. وكذلك صاحب بانقيا بصهبر بن صلوبا ذكر البلاذري في فتح البلدان (ص٢٤٤) أنه "صولح على ألف درهم وطيلسان" وكان اليمنيون يحسنون عمل الرحال وينقشونها قال جرير (النقائض ص٧٥٦): ومنقوشةٍ نقش الدنانير عوليتْ ... على عَجَلِ فوق الغتاقِ العياهمِ

1 / 172