أقول: أولا: لا نسلم خروجه عن محل النزع فإنه دال عل النجاسة بطريق الالتزام وقد بينا لك في تلك الرسالة إن الذي يوجب الوضوء نوعان محسوس وغير محسوس، فغير ا لمحسوس هو ا لمعاصي، والمحسوس إما نجس وجداني كالنوم والإغماء،وإما نجس ظاهر كالحدث الخارج من الإنسان وما أوجب الوضوء من المحسوس نجس ظاهر فهو نجس بالإجماع ، والدم من المحسوسات الظاهرية وقد ثبت بملامسته أو خروجه وجوب الوضوء، فهو دليل على نجاسته بطريق الملازمة . بيان الملازمة بينهما أن القائلين بطهارة المني من أهل الخلاف مثلا لم يوجبوا الوضوء على من أمنى وهو متوضئ إذا لم يلمس فرجه مثلا،مع إلزامهم له الغسل ولولا الإجماع عل أن وجوب الوضوء من الشيء يستلزم نجاسته لما صح لهم القول بذالك ولنادى عليهم خصمهم بالإنكار كما أنكروا عليهم القول بطهارة المني فبهذا تعرف أن الاستلال بذلك الحديث غير خارج عن محل النزاع ولكني بليت بقوم يعكسون الحقائق ويسومونني الدخول معهم في المضائق شعرا :
علي نحت القوافي من مقاطعها وما علي لكم أن لم تفهم البقر
وثانيا:إن رفيعته عن أئمته أنه لا تقوم الحجة بالمرسل، والضعيف غير مسلمة لأن أكثر العلماء على وجوب العمل بالمرسل، وأما الضعيف فالأكثر على عدم وجوب العمل به ولكن التضعيف في الأحاديث لا يصح بدعوى مدع إلا بدليل يعضده ، لأنه تجريح للراوي، والأصل العدالة وتعليله لعدم صحة لعمل بالمرسل والضعيف منعكس عليه، فإن خلاصة تعليله أن الأحاديث متساوية لا يقدم بعضها على بعض وهو تعليل لثبوت صحة العمل لا لعدم الصحة فاعرفه .
قوله : وعلى فرض صلاحيته ليس فيه دليل على المطلوب، بل ليس فيه إلا الأمر بالوضوء ولا يلزم منه نجاسة الدم لأنه قد أمر الشرع بالوضوء من أكل لحوم الإبل وهي طاهرة إجماعا كما في قوله عليه السلام « من أكل لحم الجزور فليتوضأ » الخ .
مخ ۳۹